نشر يوم الاثنين، 17 يونيو 2013
نشر بواسطة جى إس إم إيجيبت
«ثورة الحلبيين على الوالي خورشيد باشا العثماني»
«ثورة الحلبيين على الوالي خورشيد باشا العثماني»

ينبش كتاب "ثورة الحلبيين على الوالي خورشيد باشا العثماني"، لمؤلفيه : المطران بطرس مراياتي ومهران ميناسيان، في أسباب الثورة على خورشيد باشا، ويبينان أن أهمها، طبقا لما ذكرته المصادر: أن الشعب سئم من الضرائب المتواصلة، الجمود التجاري، سوء المحاصيل الزراعية وتراجع الصناعة. فهذه الأسباب خلقت اليأس بين الأهالي، إضافة إلى ندرة النقود بين الأهالي، ما أدّى إلى غلاء المعيشة .
يوضح المؤلفان أنه انطلقت تلك الثورة يوم السبت 11 تشرين الأول سنة 1819، إذ هجم الحلبيون على بيت الكتخدا سليمان بيك وقتلوه، ثم قتلوا العديد من عساكر الوالي الذي أمر جيشه بمحاصرة المدينة وضربها بالمدافع وقطع الماء عنها، وحال دون وصول الذخيرة إليها، كما حاول القبض على مسببي الفتنة، لكن الشعب وقف صفاً واحداً في وجهه، ورفض الاستسلام .
وعندما لم ينجح الوالي في قمع الثورة، اضطر إلى طلب العون من الأستانة التي أمرت بعض الولايات القريبة بمؤازرته. ودامت الثورة مئة يوم ويوماً واحداً، عانى الشعب فيها من الغلاء والجوع وهدم البيوت وحرق الأسواق وارتكاب الفظائع. وخير دليل على شجاعة الحلبيين، حسب المؤلفين، ما كان يردده جنود الباشا عنهم: "إننا ما رأينا قط في مدينة جنكية: (محاربين)، مثل أهل حلب، ولكن لا حيلة لهم".
يشير الكتاب إلى أنه كان المقاتلون من أهل حلب يتألفون من قسمين خلال هذه الثورة : "الأشراف والإنكشاريون ". ذلك إلى جانب سائر أبناء الشعب. وبالرغم من وجود منافسة اقتصادية وسياسية قوية بين الأشراف والإنكشاريين، استطاع الفريقان أن يتحدا في مواجهة خورشيد باشا
. ومن جهة ثانية، كان تحت إمرة الوالي فرقة الدالاتية وفرقة التفنكجية. كذلك القوات التي جاءت من الولايات العربية. وكان خورشيد باشا متمركزاً مع الجنود الموالين لـه في تلة قريبة تسمّى "الشيخ أبو بكر ". وبقي هناك يدير العمليات الحربية.
ويورد المؤلفان أنه بلغ عدد القتلى من الحلبيين، بناء على بيانات موثقة، ثلاثة آلاف قتيل. أمّا عدد العساكر الذين قتلوا، فيحدّد بـ 1127 شخصاً. كما انصب على المدينة 131 ألف طلقة مدفع، و2000 قنبلة . وانتهت الثورة، لكنها بقيت في ذاكرة أبناء المدينة، فترة طويلة. فمؤرخ حلب، محمد راغب الطباخ، يقول عنها: "كانت ولاية خورشيد باشا من أشدّ الأزمنة شؤماً على الحلبيين". وأمّا المؤرخ كامل الغزي، فيحكي عنها: "هذه الحادثة كانت من أهم الحوادث التاريخية وأعظمها بحلب".
يخلص المؤلفان إلى أن الثورة كانت شعبية. وشارك فيها جميع أبناء طبقات الشعب، من نساء ورجال بدون تمييز. وهذا ما يؤكد وحدة الشعب ووقوفه صفّاً واحداً في وجه الظلم والطغيان .
ويشير الباحثان إلى أن هذه الثورة هي غير مدروسة إلى الآن، واعتمدا في معلوماتها، على الوثائق العثمانية المتعلقة بحلب والمحفوظة في القسطنطينية ودمشق، بما فيها: "العرضحالات" والأوامر السلطانية والرسائل المتبادلة. كذلك، المراسلات بين القناصل في حلب مع سفرائهم أو مع حكوماتهم، والوثائق المحفوظة في أديرة الطوائف المسيحية، التي كانت لها أبرشيات في حلب.







