Headlines

عشرة علي الشجرة خير من "عصفور" في "الوزارة" | إسلام عبد الوهاب

Posted by هشام الصباحي | الأربعاء، 23 يوليو 2014 | Posted in







رسم: محمود سويلم

مفتتح: «أينما حل الظلم، فنحن الكتاب مسؤولون عنه« #جان_بول_سارتر 

"المسلمات" أقبح ما في هذا الزمن، "التسليم بما قيل"، أو بما "اشتهر عن"، ولأننا لا نريد أن ننهك أنفسنا في البحث، ف"المسلم به" يريحنا كثيراً، فمثلاً "جابر عصفور مثقف كبير" هذا ما يقال لدرجة انك من الممكن ان تعتقد ان هذا اسمه الرباعي!، وإذا اضفنا لقبه الحالي "وزير ثقافة" يصير الاسم سداسياً، ولأن الأمر يحتاج إلي دقة للمراجعة فكان من الأفضل تناول "جابر عصفور" بمنأى عن السياسة.

"الحرية سؤال إبداع ووجود في الوقت نفسه. إن الحرية ، أولاً هي الجناح الذي يحمل (مع العدل) طائر المستقبل إلي آفاق من التقدم الذي لا يحده حد، وهي ثانياً مطلب مبدعي الأمة العربية ومفكريها" كتب ذلك "عصفور"، في أول افتتاحية يكتبها لمجلة فصول كرئيس تحرير  ـ المجلد الحادي عشر، العدد الأول، ربيع 1992 ـ وكان ملف العدد عن "الأدب والحرية".

"أين أمل دنقل؟" حين يتحدث "عصفور" عن الأدب والحرية فلابد أن تباغته بالسؤال السابق، والسبب أنه حين رحل "دنقل" في مايو من عام 1983 كان "عصفور" وقتها نائب رئيس تحرير مجلة فصول، ولم يكتب حرفا عنه، ولم تخرج المجلة بعدد خاص، بل لم يفعل "عصفور" ذلك حين ترأس تحرير المجلة، علي الأقل تقديم دراسة سواء في ملف الأدب والحرية أو في ملف الشعر العربي المعاصر (المجلد الخامس عشر العدد الثاني والثالث).

جابر عصفور وأمل دنقل
"عصفور" الذي ارتبط بصداقة مع "دنقل"في أواخر الستينات، كتب يقول عنه في جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 15 مايو عام 2005 "فاقتربنا بعد أن تعارفنا بواسطة أصدقاء مشتركين، وأصبحنا صديقين نزداد قرباً يوماً بعد يوم، ويكتشف كل منا في صاحبه ما يزيده احتراماً له واقتناعاً بقيمته"، لم يكتب "عصفور" عن "دنقل" في المجلة لأنه أمير شعراء الرفض المغضوب عليه أمنياً وسياسياً حتى وهو مستريح في الأبدية.

«قلت لكم في السنه البعيده/ عن خطر الجندي/ عن قلبه الأعمى.. وعن همته القعيده/ يحرس من يمنحه راتبه الشهري/ وزيه الرسمي/ ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء/ والقعقعة الشديده» #أمل_دنقل

ما يزيد عن ال20 كتاب في نقد التراث والأدب المعاصر والنظريات وفي الشعر والرواية، وما يقرب من 10 كتب يتناول فيهم منجزات كتاب آخرون شعراء وأدباء ومفكرين، و 5 مؤلفات عن "نجيب محفوظ"، بالإضافة إلي كتبه عن "التنوير" ـ سنتناولهم لاحقا ـ لكن هل هذا يكفي لأن نطلق عليه لقب "مثقف كبير"؟.

«يجب علي المثقفين أن يتجاوزوا تناقضاتهم عن طريق وسائل يندمجون فيها مع الجمهور بدلا من كتابة الطرائف أو كتابة المقالات للمثقفين الآخرين» #جان_بول_سارتر

"نعم" جابر عصفور مثقف كبير لكن لنفسه فقط وإن شئت الدقة لنفسه والدراسين والأكاديميين أمثاله ، لكن ليس للفرد العادي، أو حتى المثقف الغير أكاديمي، فهو يطنب حيناً ويحشو حيناً آخر، ومع كلاهما تتوه في البحث عن المراد أو الوصول إلي الهدف، الأمر باختصار أن كتب "عصفور" تحتاج إلي "ديسك" (الديسك في الصحافة مهنة يقوم صاحبها بإزالة الحشو وإعادة الصياغة ليخرج الموضوع الصحفي مختصر ومكثف ومبسط للعامة)، إذن فثقافة "عصفور" أفادته هو أكاديمياً ومعنوياً، لكنها لم تحقق أي شيء علي مستوي المجتمع والفرد، نقاد كثيرون ساهموا في تطوير مجتمعاتهم و"طه حسين" خير مثال.

«يجب أن نكتب للعامة بلغة أدبية فنية، ويجب أن نعترف بحق هذه العامة في الثقافة والأدب وأشرفنا وخيرنا وأمهرنا، نحن الكتاب، هو الذي يستطيع ذلك دون أن ينخفض مستواه الفني أو الأدبي» #سلامة_موسي
 
نصر حامد أبو زيد وجابر عصفور
"التنوير يواجه الإظلام"، "محنة التنوير"، "دفاعاً عن التنوير"، "هوامش على دفاتر التنوير"، "من أعلام التنوير"، "التنوير والدولة المدنية"، "أنوار العقل"، "نقد ثقافة التخلف"، "ضد التعصب"، "مقالات غاضبة" هذه مجموعة كتب "جابر عصفور" والتي تتناول قضية التنوير، وكان من المفترض أن 10 كتب تتناول موضوع واحد أن تؤتي ثمارها، إلا أن هذه الكتب لم تفعل ذلك، لأن الطريقة الأكاديمية التي كتبت بها حالت بينها وبين العامة، حتى وإن كان يبذل "عصفور" جهداً مضاعفاً في الكتابة ويكثر من المصادر والمراجع كأكاديمي محنك إلا أن كل هذا يروح هباء حين لا تصل الرسالة إلي الجمهور المستهدف وهم العامة، بل إنها لم تصل إلي التكفيريين أنفسهم، وإلا كان أحل دمه أو كُفر مثل صديق عمره "نصر حامد أبو زيد".

«حقيقة الكتابة أن تقول: أنا أمسك القلم، اسمي سارتر، وهذا ما أفكر به» #جان_بول_سارتر

"زمن الرواية" هذا هو الكتاب الأكثر ضجيجاً ل"عصفور" والذي رحب به الروائيين واحتفوا به، الحقيقة أن هذا الكتاب والذي صدر في عام 1999 ، كان عنوان ملف مجلة "فصول" وقت رئاسة جابر عصفور تحريرها ـ المجلد الحادي عشر العدد الرابع والمجلد الثاني عشر العدد الأول 1993ـ وكان هناك كتيبة كبيرة من المبدعين كتبوا في هذا الملف منهم علي سبيل المثال "جبرا إبراهيم جبرا" والذي كتب موضوع بعنوان "هذا زمن الرواية"، وشارك في الملف "شكري عياد"، و"محمود امين العالم"، و"محمد برادة"، و"علي الراعي"، و"صبري حافظ"، و"سيزا قاسم"، وبمراجعة سريعة لهذا الملف سنجد أن "عصفور" لم يضف شيء  إعادة الحديث بمزيد من المراجع والإرهاصات الفكرية.


 
جابر عصفور
أمين عام المجلس الأعلي للثقافة في نهاية 1992 وحتى 2003 ثم مدير المركز القومي للترجمة من 2003 وحتى 2011، ماذا قدم للمواطن العادي في المنصب الرسمي؟، نعم بذل جهد في "القومي للترجمة" لكن ذهب إلي النخبة وحدها، الآن "عصفور" وزيراً، ولطالما حلم بهذا المنصب ليغدق علينا من نور التنوير، ولطالما حلم أن تقف وزارات التعليم والشباب والثقافة لمواجهة الإظلام والإرهاب الفكري، ولكن لما الجمع، وزارة الثقافة تستطيع أن تفعل ذلك وحدها، إن استعانت بأهل الخبرة دون الشللية (لا أقصد بالشللية سيد ياسين وربما أقصد)، وتستطيع أن تجمع الشباب والقراء، فهناك من هم عطشى للقراءة لكنهم لا يجدون من يدلهم علي الكتاب، الأمر ليس صعباً، الأمر يسير لكن لمن يريد، حان الوقت لأن يترك "عصفور" أثره علي العامة، ويعمل لهم وليس للنخبة فقط، أو يزاوج بين الاثنان، النخبة والعامة.

مختتم: "لقد أديت عملي.. لقد عشت" #أندريه_جيد

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المنجز اليومى

المشاركات الشائعة