Headlines

برتقالية | محمود درويش | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | الجمعة، 14 يونيو 2013 | Posted in

بالرغم منّا .. قد نضيع | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

كُنّا... أنت وأنا آخين ولات | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

المرور المستحيل | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

أنا مع الإرهاب | نزار قبانى | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

مورفين !! | نزار قبانى | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

الحب والبترول ...! | نزار قبانى | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

نزار قبانى | لا بد أن أستأذن الوطن | كتاب الشعر

Posted by غير معرف | | Posted in

قصيدة النثر واستعادة الأسلاف؛ | موعظة النخلة | قراءة في قصيدة "النخلة" للشاعر: محمود قرني | د.محمود أحمد العشيري

Posted by غير معرف | | Posted in , ,


قصيدة النثر واستعادة الأسلاف؛
                                 موعظة النخلة
           
  قراءة في قصيدة "النخلة"
                     للشاعر: محمود قرني ([I]).




 بقلم
    د.محمود أحمد العشيري
      المدرس بقسم الدراسات الأدبية
     بكلية دار العلوم/جامعة الفيوم
El_ashery70@yahoo.com   


       
النخلة
محمود قرني
1- جلس الرجل
2- يكتب تعويذته على ذيل قط أعمى
3- ويقذف بصُرّة الشيح إلى قلب النخلة
4- ناداها بكل الهواء الذي يملأ صدره:
5- "يا عمتي"
6- النخلة في ساحة البيت تميل في دلال
7- تلقي سلاما هنا
8- وسلاما هناك
9- كان طلعُها الأبيض كالحليب, تذكارا
10- موشوما على قلبه
11- صعد بظهْرية من الليف إلى رأسها
12- كلمها.. وناداها
13- سكب في قلبها حليب أصابعه
14- وعندما هبط، كان صدره المعطوب
15- يعلو ويهبط في هياج
16- كأنه فرغ للتو من مضاجعة طويلة
17- كان النهار ربيعيًّا جافًّا
18- تأملها ثانية ونادها باسمها
19- ألقى مياهًا غزيرة حول ساحتها
20- وقال:
21- الآن فقط أسمع صوتي
22- كنت أحتاج إلى ذلك
23- أحتاج إلى الغبار والصفير
24- واصْطكاك الأسنان في نصف طُوبة
25- أحتاج أغراضي
26- أحتاج طريقًا محفوفة بالمخاطر
27- وأتصور المتاهة على نحو كهذا
28- نحن متشابهان إلى حدٍّ بعيد.

*   *   *
29- كوني كما تصورتك
30- ساعة إشراقة الشمس
31- شعر أخضر يخامِرُ الأصابع
32- يطلع ناعسًا من مخمله
33- ينام على قلبك الأبيض حتى الصباح
34- ويقبض على خصرك الذي يشبه
35- خاتم قديس
36- أنا منتشٍ هكذا
37- واسمك يمر كنسمة على فم المغني
38- أريد أن أذهب إلى السوق
39- وأشتري من أجلك أرواب زينة
40- وأضواء مبهرة
41- "يا أخت أبي" استسلمي لذراعي
42- فأنا أحبك حتى النهاية.

*   *   *
43- كأن شيئًا لم يكن
44- قصَّ على رأسها أقاصيص من قلبه
45- دلىَّ عراجينها بتؤدة ولين
46- فأصبحت امرأة ذات أرداف
47- ساحرةٍ وملونة
48- دائمًا يتذكر أباه الذي ربّاها،
49- وهو يقص حكايتها كل يوم مع القاضي الميسَّر
50- الذي كان يجلس تحتها
51- ليقضي في الناس
52- ولا يهش أبدًا
53- كأنه بناية لا تريم
54- لكنها في لحظة من لحظات هزرها
55- أسقطت بلحة غليظة على أنفه
56- انتفض وتأسف على وقاره الذي ضاع
57- لكنه قهقه لأول مرة في حياته
58- بسْمل وقال:
59- "ضعف الطالب والمطلوب"
60- لكن الغيمة المارة على رأسها لم تدمْ طويلاً
61- وقعت برأسها على الصاعقة
62- لبستْ بعدها ثوبًا بنيًا محروقًا
63- وفقدت أنوثتها الطاغية
64- هي الآن ذكر نخيل لا ينبس
65- لن تستطيع أن تقص على صاحبها
66- قصصًا أخرى عن النساء
67- اللاتي احتمين بظلها
68- وتعرين لنسمات الصيف الطرية
69- ولا عن الغمزات المخجلة
70- التي تركتها العذراوات
71- في الأماسي المقمرة
72- النخلة البضة صارت ذات عضلات مفتولة
73- وشارب مبروم
74- بينما العاشق ضائق الصدر
75- يخرج برأسه من الباب إلى الساحة
76- يملأ صدره المعطوب بالهواء
77- ويعود حسيرًا
78- يتوسط ساحة البيت وينظر إلى أعلى
79- إلى رأسها
80- يريد أن يقول لها يا أخت أبي،
81- يا عمتي
82- لكنه لا يستطيع.














تقف نصوص الحداثة عند لحظة زمنيّة آنيّة، هي حاضرها ومستقبلها، وتسعى محمومةً بالتغيير والتجديد إلى إرساء قطيعةٍ- على نحوٍ من الأنحاء- مع ماضيها، وكأن وجودها القوي لن يقوم إلا على الإزاحة والاستبدال والقطيعة.
        ولكن مثل هذا الاستبدال أو تلك الإزاحة والقطيعة لن تكونَ مقبولةً إلا "مجازًا" بوصفها نتاج رغباتٍ قويةٍ لتحقيق المصير، الذي لن يكون إلا وجودًا جماليًّا أكثر تفردًا؛ إذ لا يُمكن للحظةٍ آنيّة- كما يقول "بول دي مان" أن تنفصل عن ماضيها؛ لأنها ستكون قد انفصلت  عن حاضرها، أو آنيتها في اللحظة ذاتها، فكل حاضر هو جزء من طبيعة المستقبل وماهيته؛ فالآن هو ما يولد المستقبل، وعليه تصبح كل لحظة جزءًا من ماضيها، كما تغدو ماضيًا بالنسبة لمستقبلها(1). وعلى هذا ليس ثمة مهرب من الماضي، وستجد التقاليد الحداثيّة نفسها في مأزق معه، تقف منه موقفًا متعارضًا، يتجاوز حدود المقابلة أو التضاد، فيتجاوز الموقف من الماضي أو التراث أو التاريخ حدود الرفض أو النسيان أو التجاهل أو القطيعة إلى الحُكْم النقدي وإعادة القراءة.
        على أن كل قراءة واعية للأسلاف هي ابتعادٌ عنهم بإعادة إنتاجهم؛ فإعادة القراءة بقدر ما تُثَمِّنُ إنتاج الأسلاف- تُعْلي من قيمة الاختلاف والانحراف، لا التطابق أو التشابه.
لا تمثل التقاليد الفنية مبادئ مطلقة حاكمة لمفاهيم الإبداع، ولا تجعل من نفسها أيضًا بديلاً مطلقًا لمبادئ المزاحة، وإنما المعول على تفاعل الأشكال الفنية معًا وتجادلها مع واقع الذائقة الجمالية وواقع التلقي اللذين هما محصلة تجادل جديدٍ يحاول أن يستقر، ومُسْتَقِرٍ يعاد ترتيبه، وتجدد قراءته.
        كلُّ إبداع جديد هو علاقة ما مع الماضي؛ علاقة مع تقاليد النوع الذي يمثله، فضلاً عن الأنواع الجمالية الأخرى التي يتجادل معها؛ فعبر معالمَ ما مرنةٍ للنوع يمارس الفنان على الدوام معركته الاختلافية التي تترصد خصمين كبيرين هما التقاليد الفنية والذائقة السائدة.
ويقف التاريخ النوعي للشعر ليكون أفقًا تنظر إليه كل قصيدة جديدة، لتظل العلاقةُ معه علاقةً محسوبة- باختلاف الظرف الاجتماعي الجمالي- بين مساحةٍ ما من الانحراف والجِدّة والمفاجأة، بما يحفظ على النص ابتكاره وتفرّده، وأخرى من الالتزام والخضوع للتقاليد، بما يحفظ على النص تقبله المبدئي وانتماءه النوعي.
تتخذ الدراسة من التناص آليّةً لقراءة النص، والمسألة بحالٍ ليست مِنْ قبيل دراسة مصادر الصورة، أو دراسة التأثّر المباشر أو الضِّمْني بين الشعراء، بل هي في زاويةٍ منها دراسة لجماليّة التعامل مع موضوع أدبي أو تقليد فنّي، عبر مرحلة من مراحل تاريخيته، إضافة إلى تَبَصُّر الموقف الفكري/الجمالي لقصيدة أنتجها شاعر يمثل- على نحو من الأنحاء- طرفًا في شعريةٍ أو شعريات مختلفة بعض الاختلاف، تشق لنفسها جدولها الذي يتدفق عبر خارطة الشعر الغنية بتنوعها.
        وتبدو القراءة التناصيّة هنا أكثر قدرة على الكشف  عن دلالة النص الأدبيّة، إذ لا تستطيع القراءة السطريّة المشتركة بين جميع النصوص، أدبيّةً كانت أو غير أدبيّة أن تنتج- كما يقول ريفياتير- غير المعنى(2).
ويحقق انتهاج التناص أمرين على الأقل؛ أولهما: بيانُ أن كُلَّ نَصٍّ هو فضاءٌ لتقاطع نصوصٍ متعددةٍ، تَسَرَّبَت متتالياتها الرمزيّة إلى هذا النص الذي يمارس عليها سلطة التبديل والتحويل. وكل حيازة لمتتالية رمزيّة من نَصٍّ ما هي إعادة قراءةٍ لها ولِنَصِّها. وثانيهما: أن النص- محل الدراسة- كما يقرأ الواقع، ويُعَبِّرُ عن لحظةٍ آنيّة، يقع عند ملتقى مجموعةٍ من النصوص الأخرى السابقة؛ منها ما هو ديني، أو صوفي، أو أسطوري، أو شعري، بحيث يغدو التناص نفسه حينئذٍ علامةً على الطريقة التي يقرأ بها النصُّ التاريخَ ويَنْدَمِجُ فيه.
إن ألق استخدام نص محمود قرني لنصوص أسلافه أنه يفتح صدره واسعًا لدخول شذرات أسلوبيّة ودلاليّة من نصوص متعددة، ولكن دون أن تتجمّع معًا في أُفُق وحيد ضيّق، أو تتجمع لتحاصره، وتفرض عليه أُبُوّةً مزعومةً، يبدو معها كما لو كان امتدادًا طبيعيًّا لها. ليظل الاختبار الحقيقي: كيف يمكن للقصيدة أن تنظر لتراثها، كيف يمكن لها أن تصارع مرجعياتها، دون أن تُقْتل على يد ماضيها القوي؟
        والقصيدة هنا نموذج لقصيدة النثر عندما تُعْرِض عن اليوميّ، عن المَدِيْنِيّ عن الاستهلاكيّ إلى الطبيعة، إلى الطقوسي والشعائري، إلى الرمزي الذي تكتبه لغةٌ تَتَقَلَّبُ في زَخَم التراث، وتتقافز فيما بين أدائيات قصيدة النثر، ولغة الشعر العربي القديم، ونصوص التراث الديني، والأسطوري؛ القديم والمعاصر.
        ولكنها على الرغم من هذا الوعي الاجتماعي العميق الذي تحفل به القصيدة- تفارق لغتها إجمالاً مذاق الشعر العربي القديم وآلياته، لِتُكْتَب بلغةٍ أخرى، حريصةٍ دومًا على تقديم جماليّةٍ مختلفة، حِرْصَها على تقديم تجربة شعريةٍ شديدة الارتباط موضوعيًّا بمجتمعها وسياقها.
        يكتب محمود قرني هنا عن (النخلة/الأنثى) أو عن (الأنثى/النخلة)، على ما يمكن أن تشير إليه كل منهما؛ النخلة والأنثى كل على حده، أو تشير إليه في ظل إشارة الأخرى وأبعادها الدلالية؛ فلحظة ما يكتب عن النخلة؛ يكتب عن الأنثى وغيرها، ولحظة ما يكتب عن الأنثى؛ يكتب عن النخلة وغيرها.
        ويأتي النص في مقاطع ثلاث:
-      يقدم الأوّل علاقة (الرجل- النخلة)، وبؤرته "الرجل". س(28:1).
-      ويقدم الثاني علاقة (النخلة- الرجل)، وبؤرته "المرأة". س(42:29).
-      أما الأخير فيقدِّم علاقة (الرجل- المرأة)، وتصبح "النخلة" بؤرته. س(82:43).
وتبدو العلاقة بين الشاعر والنخلة عند كل مقطع كما لو كانت بحاجة إلى استظهار علاقات أخرى قارّة في عمق هذه العلاقة المتحوّلة على طول النص، في مقدمتها علاقة "الشاعر/ الذكر" بـ"الأنثى"، وعلاقة "النخلة" بالإنسان بعامة[II]، وبـ"الأنثى" على وجه الخصوص. حتى لَتَبْدو علاقة الشاعر بالنخلة أقرب إلى تكامل نمطين من العلاقات السحرية؛ النمط التشاكلي والآخر الاتصالي(3)؛ فتتخذ الذات من اتصالها الحميم بالنخلة علامةً على الاتصال المحموم به بالأنثى، وفي كل لحظة تُوَلِّدُ فيها النخلة إشاراتها إلى الأنثى؛ تعود بنا الأنثى ثانيةً إلى النخلة ذاتها، إلى الطبيعة الأم.
وتظل النخلة على الدوام تستعير دوال تصويرها من حقل (المرأة- الرجل)؛ فالجَسَد البَضّ في مقابل العضلات المفتولة والشارب المبروم. ومن أنثى تقص على صاحبها أسرار النساء اللاتي احتمين بظلها، وتفضي بأسرارهنَّ إلى ذكر نخيلٍ لا يَنْبَس. لقد كانت النخلةُ نخلةَ حينما كانت أنثى، حينما كانت تميل في دلال، وكان طَلْعُها أبيض كالحليب.
        والنخلةُ- الرمزُ المُتَخَيّر للكتابةِ حوله- مفعمةٌ بطاقات تتقلَّب فيما هو أسطوري، شعبي، ديني، صوفي، سحري، شعري على مابين هذه الحقول من تماس وتداخل.
(‌أ)              المقدّس الديني:
تأخذ النخلة في النص بُعْدًا رئيسيًّا قوامه الإجلال والتقديس، ولعل هذا يرفده الوعي العربي الإسلامي الذي يُبَجِّل النخلة منذ أن قَرَنها القرآن بكلمة التوحيد؛ إذ ترتبط في أفق التفاسير بكلمة "لا آله إلا الله" بوصفها الكلمة الطيبة في قوله تعالى: }ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبة{ (إبراهيم- 24)[III]. وهي وَعْدُ اللهِ المتقين في الجَنّة لمن سَبَّح بحمده وعَظّمه(4).
وفي غير واحدٍ تأتي الأحاديث لترسخ المشابهة بين النخلة بخضرتها الدائمة والمسلم أو المؤمن بخيره المقيم. جاء في صحيح البخاري قوله r: ”إنَّ من الشجر شجرة لا يَسْقُطُ ورقها، وإنها مثلُ المُسْلم، فَحَدِّثوني ما هِيَ ... قال: هي النخلة“(5) ويذكر ابن الشجري في أماليه قوله r: ”مَثَلُ المؤمن مثل النخلة، إن شاورته نفعك، وإن شاركته نفعك، وإن ماشيته نفعك، وكذلك النخلة كل شيء منها منافع“(6).
ولعل نصوصًا مثل نصوص حنين الجذع إلى النبي محمد r تُسْهم بشكل أو آخر في ترسيخ الصورة العاطفية للنخلة في المخيال العربي الثقافي(7).
وينبني النص على استعارة مجازيّة محوريّة، تُخَاطِبُ فيها الذاتُ المحكيُّ عنها النخلةَ بوصفها "عَمّة":
            ”ناداها بكل الهواء الذي يملأ صدره:
            يا عمتي“                                       س(5،4).
وهو في هذا يستعير الوصفَ من نصوص الحديث النبوي[IV] حيث أوّل النصوص التي تصوغ النخلة على هذا النحو عبر هذا المجاز، إذ يذكر الجاحظ في "البيان والتبيين" قوله r: ”نعمت العمّة لكم النخلة...“(8)، وفي حديث آخر: ”أكرِموا عمتكم النخلة...“(9).
وإذا كان النص هنا يسترفد الحديث النبوي بشكل مباشر، ويقتبس منه هذا المجاز، فإنه في موقعٍ آخر يناديها بقوله:
            ”يا أخت أبي“                  س(41).
وقد يبدو هذا الوصف للوهلة الأولى مُوَلَّدًا على المجاز السابق، مبنيًّا عليه، إذ العمّة أخت الأب، ولكننا نجده في بقية الحديث السابق، الذي يعطي لهذه القرابة بُعْدًا أعمق تتجاوز الأُبُوّة القريبة إلى أُبُوّة الجد الأعلى، إلى آدم ذاته. يقول المتن: ”أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خُلِقَتْ من فَضْلةِ طينة أبيكم آدم، وليس من الشجر شجرةٌ أكْرم على الله من شجرة وَلَدَتْ تحتها مريم ابنة عمران، فأطعِموا نِساءكم الوُلَّد الرُطَب، فإن لم يكن رُطَب فتمر“(10).
(‌ب)      المعراج الصوفي:
ويبدو الاتصالُ بالنخلة انفصالاً عن الآخرين، انفصالاً عن كل ما هو مُبْتَذلٌ وزائف، معراجًا لا ترى فيه الذات غير "الوصول" هدفًا، لا يَشْغَلُها غيره، ولا تسْمع معه أحدًا، ليتحقق لها مقام "الوصل"، والوَصل "إدراك الفائت" كما يقول ابن عربي، وهو ما يلح عليه النص.وعلى الحاجة إليه س(26،25،23،22). ولا تكون ثمرة هذا الاتصال سوى اللذة الكبرى التي لا تزيده إلا شوقًا وارتباطًا.
        إن صعود النخلة على ما يُمكن أن تُتَأوّل عليه رحلة عِرْفان صوفي تُتَحَصَّلُ فيه المعارف عن طريق الإحساس الباطني، والكشوف القلبيّة، الرحلة معراجٌ إلى السِّرّ الأعظم، تطرح فيه الذات موبقاتها، وهمومها، وأثقالها، ووجودَها القديم، إحساسها الناقص بالوجود، قصورها عجزها... لتكتمل معرفتها، وتحس الوجود الكامل الحقيقي، وترى الحقيقة كما هي، لا لترى الاستقرار الساذج أو الطمأنينة الزائفة، وإنما ترى "المتاهة"، و"المخاطر"؛ لتنتقل إلى ثُلّة العارفين.
        ويستعير النص لمقام "الوصل" الذي هو غاية معراجه الروحي الوجودي مفردات الجسد؛ ليعيد للذات اكتمالها الحقيقي، دونما إقصاء لأحدٍ من طرفي المزدوج (الجسد/ الروح). فالوصل ليس مسألة إثارة جسديّة، أو نزوة انفعاليّة عابرة، بل هو تجسيد للوجود الفعلي لقوى الحياة الماديّة/العاطفيّة،حيث النخلة أنوثة المعشوقة، إذ يمتزج في المقطع الأول الحلول الصوفي بشبق الرغبة، وتختلط طقوس الرحلة والبحث عن الوجود الفعلي الأصيل بطقوس الاتصال والمعاشرة.
والمقطع يشير لفعلٍ حياتيٍّ معتاد، يرتبط بالإخصاب الاصطناعي للنخيل[V] ولكنه في الوقت ذاته يتجاوز هذه الزيجات النباتيّة إلى تطلعاتٍ بشريّة وزيجات حُلْميّة مع النخلة/الأنثى المطلقة.
لقد حملت الذات إلى النخلةِ الملاذ أمنياتِ الجسد، حيث واقع المتعة وتحرير الرغبة، بعد أن أفقدها الإخفاء والكبت والتنكّر وجودها الأصيل.
        والعلاقة مع النخلة أقرب إلى أحوال الصوفيّة ومقاماتهم، من حيث الأحوال مواهب، ترد على القلب من غير اكتساب، أمّا المقامات فمكاسب يصل إليه السالك بالصبر والمجاهدة(11)، فالذات قبل صعود النخلة في حال عوزٍ روحي، واحتياج كبير، تكرره وتؤكد عليه:
                ”كنت أحتاج إلى ذلك
                أحتاج إلى الغبار والصفير
                واصطكاك الأسنان في نصف طوبة
                أحتاج أغراضي
                أحتاج طريقًا محفوفةً بالمخاطر“                               س(27:22).
        إن الحياة المليئة بالوحدة والوحشة تتحول بعد معاينته وتَوَحّده إلى أُنْسٍ وطمأنينة. وتعود لتنقلب إلى إحساسٍ عميق بالمرارة والأسى في نهاية النص عند انقطاع الأنوثة عن النخلة.
(‌ج)        المقدّس الأسطوري:
ويعيد النص في هذا المقطع الأوّل إنتاج هذه الدلالة الأسطوريّة للنخلة، والقائمة على الخصوبة والتجدد والاستمرار، إذ ”ربطت شعوب البحر الأبيض بين عمليات إخصاب النخيل، أو ما يُعْرَف بـ"الطلوع" أو التلقيح... وبين الموت ثم القيامة، أو توالي الولادة والاستمرار.
        ولعل مطاردة أصداء "عشتار" في النص تصل لدينا بين النخلة، وبين ما هو عشقي جنسي، وبين ما هو أمومي أيضًا؛ فقد وَحَّدَ الفينيقيون بين النخلة- التي كانت أيقونةً على ”شجرة الحياة في الشرق“(12) والتي عَدّها الساميون بعامة ”شجرة الحياة في جنة عَدَن- وبين آلهة الإخصاب الجنسي أو التعشير "عشتروت" أو "عشتار"؛ فالنخلة كانت شجرة الميلاد أو شجرة العائلة عند كل شعوب غرب آسيا، في مصر، وبابل، وفينيقيا، والجزيرة العربية“(13)وكانت تُصَكّ على النقود في شكل نخلة وافرة الثمار(14).
        لقد تقاسمت "عشتار" في بلاد الرافدين مع "ننتو" (أو "مامي" أو "ننماخ" أو "ننخرساج") وظائف الأم الكبرى الموروثة عن العصور السالفة، وفي حين بقيت "ننتو" الأم- الأرض، صارت عشتار الحب، وروح الخصوبة الكونيّة[VI].
        لقد هبط الشاعر من صعوده النخلة بصدره المعطوب، يحدث نفسه:
                ”الآن فقط أسمع صوتي
                كنت أحتاج إلى ذلك“                         س(22،21).
إن عشتار التي تبدت في تراتيل بلاد الرافدين وصلواتها بوصفها سيدةً للشفاء(15) تتماهى هنا مع النخلة التي كانت تظهر فيما مضى بوصفها أيقونةً لها.لقد كانت الذات بحاجة إلى هذه العلاقة، بحاجة إلى هذه الأنثى، فمواقعتها والالتحام بها كشفٌ عن كل التبديّات في الطبيعة والكون، عن أن وراء هذا الوجود الظاهر المحدد وجود كوني أعمق، لا نهائي. لقد غَدَت النخلة منشأً للوجود الفعلي الحقيقي للجسد والروح، لا الوجود المادي المُفَرَّغ.
ويُرْفد دلالاتِ النخلةِ في النص أيضًا ما يرتبط به في المخيّلة الشعبية العربية من طقوس وشعائر سحريّة، فيبدأ بالخوف والتَّضَرُّع مُمَثَّلاً في كتابة "تعويذة" تتخذها الذات- التي تحكي عن نفسها، ويحكي عنها النص أحيانًا بالغياب- دريئةً لها من شيءٍ ما، من خوفٍ ما؛ فَتُرَشُّ حولها المياه الصافية، مَرْضاةً لتلك القوى العليا المهيمنة، وتقدمُ أعوادُ الشيح- طيبِ الرائحة- قُرْبانًا يُلْقَى به إلى "قلب" النخلة، على ما يمكن أن توري إليه مفردة القلب هنا؛ فهو الوسط من النخلة والمركز، وهو عمومًا القلب، حيث المشاعر. القُرْبان مُقَدَّس، ومكان تَلَقِّيه لا يَبْعُدُ عن هذا.
لقد عَبَد الإنسانُ الأوّل الشجرة أو النخلة(16)، وتبقى النخلة في الثقافة العربية على وجه الخصوص قطبًا متفردًا ينازع سائر أنواع الأشجار الأخرى حضورها، وسطوة ذيوعها، حتى لَتَبْدو قسيمًا لها، وكأنها ليست نوعًا منها.
        عَبَد الإنسانُ الأوّلُ النخلةَ، ولم تكن عبادته موجَّهَةً إليها بذاتها، بل توجهت نحو الروح الكامنة فيها. وهذه الروح هي ما يأخذ بلب الشاعر وتملك عليه أقطاره، فيؤنسنها شكلاً وموضوعًا، وعندما تلْبَسُ: النخلة "ثوبًا بنيًّا محروقًا" يريد أن يذهب "إلى السوق"، ويشتري من أجلها "أرواب زينة، وأضواء مبهرة". وهو مجاز قد يدفعنا إلى استعارات قد تبدو مجانيّة؛ فأي (نخلةٍ/ أنثى) أو (أنثى/ نخلة) تلك المشغولة بانتظار أرواب الزينة؟ لكن، هنا تمامًا نلمس أطراف الخيط عندما يعود بنا النص إلى أبعاد أسطوريّة عميقة للنخلة، حيث لا تنفصل في رمزيتها بعامة عن دلالة الزينة[VII].
        ويعود بنا النص أيضًا إلى ممارسات عربيّة تدور حول النخلة بوصفها شجرة الميلاد والعائلة. فقد قَدَّست العرب بعض النخلات، كنخلة يقال لها "ذات أنواط" و"نخلة نجران" التي اختصوها بِجُمْلَة من الأعمال الطقوسيّة كالاحتفال بها في مواسم معلومة، والذبح عندها، وتعليق الأثواب والأسلحة، والحلي عليها(17).
وعلى الرغم من اختفاء الاحتفاء بالنخلة بوصفها معبودًا عربيًّا قديمًا إلا أن طقس الزينة السنويّة، وتعليق الملابس النسائية عليها خلال الاحتفالات الموسمية بها مع الطرح والتلقيح- ظل متواترًا في مصر حتى العصر الفاطمي والمملوكي.
ومن التماس مع عشتار، إلى العبادة القديمة، ومع ولادة المسيح تحتها- تضحى النخلة في الوعي الشعبي وكأنها رَبَّةً للخصوبة والولادة، حاضنةً للنساء المتعبات ساعة الوضع، تهونها عليهن، وتُسَهِّل ولاداتهن المتعثِّرة، تقصدها الراغبات في الأمومة الحالمات بوعد الزواج والإنجاب:
                ”لن تستطيع أن تقص على صاحبها
                قصصًا أخرى عن النساء
                اللاتي احتمين بظلها
                وتعرين لنسمات الصيف الطريّة
                ولا عن الغمزات المخجلة
                التي تركتها العذراوات
                في الأماسي المقمرة“
        والنص على طوله يستدعي الاعتقاد القديم بتجسيد الشجرة لروح الخصوبة. ولكنه لا يقف من التراث الشعبي أو من فكرة الخصوبة فقط عن هذا الحَدّ، بل نجده يتماس مع ما تحدثنا به الأغنية الشعبية عن "طالع الشجرة"(18)، مع ما بين النصين من تفاوت في مستوى اللغة بين والفصحى العاميّة، وتفاوت إيقاعي بين نصٍّ شعبي مُفْعم بالإيقاع وآخر يَتَخلّى عن العروض ويخفت الإيقاع فيه، إلا أن غِنى الدلالة والتخييل يظل جامعًا بين النصيين، حيث تظل الشجرة والنخلة مصدرًا للخير المُنْتَظَر الذي هو وجود كامل وحقيقي في نص الفصحى، و"بَقْرة" في الأغنية الشعبية، التي لا يفارقنا حليبها في النص الفصيح:
                ”سكب في قلبها حليب أصابعه“                      س(13).
أو مشبهًا به طلعها الأبيض:
                ”كان طلعها الأبيض تذكارًا
                موشومًا على قلبه“                             س(10،9).
ويمثل فعل "الصعود والارتقاء" التيمة الأساسيّة الجامعة بين النصين، فضلاً عن تشابه النهايات، فالترنيمة الشعبية المغرقة في بساطتها، المتخمة بالتخييل والرمزيّة ”ظاهرها الفرح، وباطنها موجع إلى حَدّ الأسى والانكسار“(19)، حيث لم تُدرك الذات مطلبها؛ فالملعقة انْكَسَرَت. فاتها الخير، ولم تُدْرك منه أقل القليل.
ولعلنا نقف على تقاطعات عِدَّة للبقرة في الموروث الفرعوني مع النخلة في الموروث العربي والأسطوري العام، حيث كانت البقرة "حتحور" تمثل الروح الحيّة للأشجار، وكانت "الحتحورات السبع" أشبه بالجنيات اللواتي يقررن مصير الطفل عند مولده(20). وفي المقابل كانت الولادة المقدسّة للمسيح تحت نخلة، وتؤمر مريم بأن تَهُزَّ إليها بجذعها؛ فيسّاقط عليها رطبًا جنيا.
وكذلك تأخذ العلاقة بين البقرة والنخلة خصوصيةً فريدة عندما يرتبط كل منهما بالموت؛ فحيث كانت البقرة في "منف" حارسة جبل الموتى(21) وجدنا سعف النخلة في التصور الشعبي الإسلامي يوضع على قبورهم ليقيهم شَرَّ الحساب والعذاب، وما كان السعف في يد رجلٍ أو امرأة في العصر المسيحي إلا دليلاً على شهيد حقق النصر الأعلى(22) وإلى جانب الشهادة كان النصر، حيث كان أيضًا شعارًا دائمًا على النصر، وما إمساك المسيحيين بسعف النخيل يوم الأحد إلا تذكيرًا بدخول المسيح أورشليم ظافرًا.
(‌د)           الذكورة/ الأنوثة:
أشرنا إلى أن الشكل الفيزيائي للنخلة يمدنا بأساس قوي لبناء استعارة النخلة بوصفها "أنثى"، وهي استعارة ترفدها الإحالة اللغوية إلى النخلة بوصفها "مؤنث". ولعل تصورها بوصفها أنثى هو ما يفتح الباب لوفرةٍ من الاستعارات التفصيليّة المرشحة لهذا التصور، والتي تتدفق عبر النص. غير أن عوامل أخرى تدخل لتعميق هذه الترشيحات وإزاحتها إلى طرق غير معتادة كاسترفاد النصوص التراثية المميزة والمُؤسِّسة للتصورات الثقافيّة العامة حولها، على نحو ما يستعير تعبيرَ النبي r عن النخلة بوصفها "عَمّة" أو "أخت أبٍ".
        ويفتح علينا تصور النخلة بوصفها "عَمّة" أفقًا تخييليًا واسعًا لتأمل علاقات الذكورة والأنوثة، واشتجارها عبر هذه الاستعارة، أو عبر الاستعارة الأخرى التي تبدو حَلاًّ لها؛ توازيها ولا تساويها: "أخت الأب"، خاصّةً عندما تعود بعلاقة الأبوّة إلى آدم. فالعَمّة تمثل طبيعة "الأنثى" بما هي كائن بيولوجي، اجتماعي، نفسي.وتمثل أيضًا علاقات "الذكورة" بما هي نَسَب اجتماعي، وانتماء عائلي، وهويّة قَبَلِيَّة[VIII].
        ويفاجئنا النص بما يَنْقُض تَرَاتُب علاقات (الذكورة/ الأنوثة)، يقول:
                ”لكن الغيمة المارة على رأسها لم تَدُمْ طويلا
                وقعت برأسها على الصاعقة
                لَبِسَتْ بَعْدها ثوبًا بُنِّيًّا محروقَا
                وَفَقَدَت أنوثتها الطاغية
                هي الآن ذكر نخيل لا ينْبَس“                          س(64:60).
فإذا كانت المرأة- فيما يرى البعض- تُصَوَّرُ عند "فرويد"- طبقًا لمفهوم الجَسَد القضيبي، أو الغِيرة من العضو الذكري Penis Enuy- بوصفها "رجلاً ناقصًا"، وهو الأمر الذي عُدَّ أحيانًا تَصَوُّرًا مُنْطويًا على امتهانٍ لها، فإن النص ينتصر للأنثى (الأم والمعشوقة)، من حيث يصور الذكر بوصفه "أنثى ناقصة"؛ لقد ضَرَبَتْ الصاعقةُ النخلة الأنثى فَصارت ذكرًا. فـ(الذكر= مَسْخ الأنثى)، حيث الصاعقة على الدوام عقاب من الله أو القوى العليا في الوعي الديني والأسطوري. وكما كان الإنسان قديمًا يعتقد في مغادرة الروح للشجرة عندما يلحقها أذى فإن النخلة هنا تفارقها أنوثتها عندما تضربها الصاعقة.
        ويمكن لنا أن نتساءل هنا أيضًا: هل تُقَدَّم الذكورة بوصفها خِصاءً للأنوثة، (الذكر= خصي الأنثى)؟ أم تعود الأنوثة هامشًا على الذكورة، تزول؛ فتبقى من النخلة ذكورتها؟ ولكن الذكورة حينئذٍ وجود ناقص، مجرد "ذكر نخيل لا يَنْبَس".
        ولعل اعتبار الأصل في النخلة الأنوثة لا الذكورة عودة للوعي البدائي الأمومي، الذي يجعل من العائلة بشكلها الأبوي القائم ليست أقدم أشكال المجتمع الإنساني؛ إذ يَسْبِقُها شكل لا يقوم على قيم الذكورة وسلطة الأب، بل على قيم الأنوثة، ومكانة الأم، حيث تبلور التجمّع الإنساني الأوّل تلقائيًّا حول الأم التي شدت عواطفُها وحدبها الأبناءَ حولها في أوّل وحدة إنسانيّة متكافئة هي العائلة الأموميّة، خلية المجتمع الأمومي الأكبر(23).
        وهل تعيدنا النخلة على هذا النحو إلى آلهة أنثى كبيرة هي الأم- الأرض، التي كانت مركزًا للحياة الروحيّة، فيما قبل الثقافات الذكوريّة- التي شهدت صعود الآلهة الذكور- والتي ظَلَّتْ مُخْتَرَقةً حتى في أعتى أشكالها ذكوريّةً بمثل هذه الآلهة الإناث؟ أم تعيدنا إلى حالةٍ أوُلى للوجود الكوني، بعيدًا عن هذه الثنائية؛ حيث النخلة هما معًا (الذكر والأنثى)؟ أم تَدْفعنا للتساؤل حول واقع هيمنة إحداهما على الآخر لِنُعِيْد وضع المسألة وضعها المناسب الصحيح، بعيدًا عن هيمنة الذكر وتَسَلّطه، حيث الذكر أبدًا لا يُخْضِع الأنثى، بَلْ يَعْرٌج إليها على نحو ما كانت الذات في المقطع الأوّل من النص.
        وفي مقطع آخر س(59:48) تُسْقط النخلةُ "بلحة" غليظةً على "أنف" القاضي، الذي "يَنْتَفِض"، و"يَأسَف" على "وقاره"، لكنه يعود فـ"يقهقه" لأول مَرَّة في حياته.
قد يبدو الأمرُ مُداعَبَةً أو مشاكسةً أو "هَزَرًا" كما يقول النص. ولكنه فعل ”ينطوي على معنى آخر يتجاوز خِفّة الظل عندما يأخذ معنى (التمرد) و(نقد السلطة، ممثلةً في هذا القاضي الذكر الذي يأتي رمزًا على النظام الأبوي، والوصاية الذكوريّة على الحُكم بالحق، والتكلم بلسان العدل؛ فتستخف بما يَتَلَبَّس الذكور من تقاسيم العقل والحكمة الراسخة والخبرة المزعومة والثقة.
وإذا كان "الوجوم" معنىً ذكوريًّا فإن الأنثى تتخذ من "الهشاشة" و"المداعبة" معنى أنثويًّا لفضح هذا الوجوم الكاذب؛ وحينئذٍ تُحَجِّمُ الدعابة والمشاكسة- التي تتخطى بها الأنثى قواعد السلوك الاجتماعي- هذا النظام المفرط في صرامته المظهريّة، وتخلخله: ”تُضيع وقاره وتجعله يَنْتَفِض“.
        ويتمثل القاضي الموقف عبر الاقتباس القرآني: ”ضَعُفَ الطالِبُ والمطلوب“. ويحيلنا تطابق التماثل بين سياق الآية وسياق النص على معنى "السَّلْب" الذي هو مركز السِّياقَيْن؛ لقد سَلَبَ الذُّبابُ الناسَ (شيئًا) لا يستطيعون استنقاذه منه: }وإن يَسْلُبُهم الذُّبابُ شيئًا لا يَسْتَنْقِذُوه منه، ضَعُفَ الطالِبُ والمطلوب{ (الحج/73)، وسَلَبَتْ النخلةُ القاضي (وقاره)، ولن يستطيع استنقاذه منها، فمهما كان ضَعْفُ المطلوب (النخلة/ الأنثى)، فالطالب (القاضي/ الذّكر) أَضْعَفُ منها[IX].
لقد رافق سقوط الأنوثة عن النخلة دخولها في دورة صمت سوف تكون مؤشرًا على الانقطاع المرافق لغربتها الذكوريّة.
ويبدو الصمت الذي هو فعل إراديّ- خلافًا للعي والحُبْسة- جامعًا بين النخلة وصاحبها؛ فالنخلة:
                ”فقدت أنوثتها الطاغية“                        س(63).
                و”هي الآن ذكر نخيل لا يَنْبَسْ“                       س(64).
أما صاحبها فهو:
                ”يخرج برأسه من الباب إلى الساحة
                يملأ صدره المعطوب بالهواء
                ويعود حسيرًا
                يتوسط ساحة البيت وينظر إلى أعلى
                إلى رأسها
                يريد أن يقول لها يا أخت أبي
                يا عمتي
                لكنه لا يستطيع“                               س(82:75).
النخلة أيضًا:
                ”لن تستطيع أن تقص على صاحبها
                قصصًا أخرى عن النساء
                اللاتي ...“                                     س(71:65).
الصمت هنا ليس طاقة سلبية تعود إلى العجز إزاء قوة خارجيّة تقهرها على الصمت، وإنما فعلُ اختيار مُرٍّ، تعبيرٌ عن حالةٍ من الانهزاميّةِ والبؤس الشديدين؛ لم يدخلها وقوعُ الصاعقة برأسها دورة الصمت، وما أدخلها هو تحولها إلى ذكر أو فقدانها لأنوثتها. شيء من الخجل، وربما من العار والخِزي!
والصمت مع ذكر النخيل من باب (القُدْرة) مع انصراف الرغبة، أما مع الذات فلا ينفصل عن الهزيمة؛ ذكر النخيل "لا يَنْبَس"، والنَبْس: التَّكَلُّم وتحريك الشفاه بشيء، وهو أقل الكلام(24). وأما الشاعر فقد عاد "حسيرًا" من تطلعه إلى النخلة، وهو حال يضرب في الانتظار، والترقّب، واستدامة النظر، والتعب، والإعياء، والرَّهق. في النهاية "الانقطاع"[X] هو المحصلة.
يريد أن يقول لها: "يا أخت أبي، يا عمتي،لكنه لا يستطيع". فهل دخل الشاعر دورة العي بافتقاد النخلة لأنوثتها؟ وهل صمت النخلة/ الذكر، أو صمت صاحبها بديلٌ عن البيان؟ هل فاض الحال عن أن يُعَبر البيانُ عنه؟ فأعجزت سطوةُ الأول قَوّةَ الأخير؟ الصمتُ هنا صمتٌ من فَرْط وجودِ المعنى، صَمْتُ مَنْ اِصْطَدَمَ بفقرِ كلماتِهِ، لا بِفَقْرِه إلى الكلمات.
        وتتحول العلاقة بين الذات والنخلة من علاقة قابلة للانفتاح على الآخرين عبر المشاهدة أو السماع أو المعاينة إلى علاقة خَفِيّة، وتراسُلٍ باطِنيٍّ، لا يُعْربُ فيه كل طرف عن مَنْطِقِهِ، لا يتكلم به، ولا يرويه، ولا يرويه أحدٌ عنه، فالرواة لا يروون سكون الصامتين، ولا يَبيْنُ أيُّ طَرَفٍ عن شيءٍ للآخر، وإنما يبينُ كلٌّ منهما للآخر بحاله- كما يقول الصوفيّة- فصمتُ كلٍّ منهما حينئذٍ هو بيانه الذي انتقل من عبارته إلى ذاته؛ ليبين هو بنفسه عن حاله.
ويتصل بذكورة الرمز/ النخلة وأنوثته أيضًا إلحاح النص على موضعها من البيت:
                -”النخلة في ساحة البيت تميل في دلال“            س(6).
                -”ألقى مياهًا غزيرةً حول ساحتها“                     س(19).
                -”بينما العاشق ضائق الصدر
                يخرج برأسه من الباب إلى الساحة
                يملأ صدره المعطوب بالهواء
                ويعود حسيرا“                                          س(77:74).
                -”يتوسط ساحة البيت، وينظر إلى أعلى
                إلى رأسها“                                             س(79،78).
وإلحاح النص على ذِكر النخلة مقرون بساحتها التي تتردد في النص مَرّات أربع، وقد يكون من السهل التَّفَكّر في المشهد بوصفه مشهدًا (طبيعيًّا) يعتاده البيت الريفي، إلى أن يغدو مألوفًا دون أي جدالٍ، ولكن اعتياده ومألوفيته لا ينـزعان عنه المعنى بأية حال، أو يُفْقِدانه خصوصية الدلالة، إذ ”الأفضية الروتينيّة للمنازل [تحدثنا] عن نوع الممارسات التي تدعمها“(25).
        إن الساحة المكشوفة في البيت الريفي، التي يمكن للنخلة أن تنبت فيها- تمثل علامةً فارقةً بين فضاءين؛ فضاء منغلق مُسَيَّج مسقوف، وآخر مفتوح مكشوف على السماء. يمثل الأول عالم الأسرار الباطنيّة؛ خصوصيّة الأسرة، وعلاقاتها السِّرِّيّة؛ عالم الجنس، والنوم، والولادة، والعزلة، حيث الذات وخصوصياتها وأنشطتها المرتبطة بالظلمة. أما الساحة فتمثل الانفتاح على السماء، على الطبيعة، على المطر، والبرق، والرعد. تمثل أيضًا الانفتاح على الآخرين؛ حيث الأسرة في علاقاتها بالخارج؛ العائلة، والقبيلة؛ حيث علاقات الماضي؛ النَّسَب، والمصاهرة، والتقاليد، وكل ما يمثله هذا الماضي من رصيد يشكل حاضر اللحظة، ومستقبلها. الساحة انفتاح على الأضيافِ، والغُرَباء، والعابرين. الساحة باختصار هي (عالم الذَّكَرِ)، في مقابل (عالم الأنثى).
الساحة (فضاء ذكوري) في مقابل (فضاء أنثوي) هو سائر البيت، ووسطه، وسط هذا الفضاء الذكوري تقوم النخلة لتخلخل بأنوثتها فضاء الذكور:
                ”النخلة في ساحة البيت تميل في دلال
                تلقي سلامًا هنا
                وسلامًا هناك“                                          س(8:6).
والعجب أنها بذاتها تُكرِّس لقيم تغذي بالأساس الثقافة الذكوريّة، من حيث؛ الماضي، والعلو، والشموخ، والظل، وهي كلها مقومات يستهلكها الذكور عبر التأكيد على هويتهم، وقيم الكينونة، من خلال هذه الساحة التي تمثل فضاءهم المختار.
النخلة- هنا- في الوسط من الساحة تمثل- فيما تمثل- قيم الرعاية، والاحتضان، والحدب؛ لقد عَرَفَتْ كيف توسِّعُ من دائرتها الذاتيّة لتحتضن الآخرين؛ تسمح لهم بارتقائها، والنهل من ملكوتها، تبسط حنوها على الجميع، تبثّ بعضًا مما وُهِبَتْ من حياة وخصوبة في الآخرين؛ فتهبهم الخصوبة، والوعدَ بالزواج، والإنجاب، مستجيبةً لهمسات العذارى. كما تصل رحمها الأزلي برحم النساء المتعبات؛ لتسهل عليهن ولادتهن.
        النخلة- هنا- تمثل قيم المجتمع الأمومي الذي يُجَمِّع ويُوَحِّد، لا المبدأ الأُبوي الذكوري الذي يُفَرِّق، ويضع الحواجز، والحدود.
الكل يَجْعَلُ منها أُمّه، وألصق مَنْ حوله به هو، وهو ألصقهم جميعًا بها، ولكنها في اللحظة ذاتها- هي كلها- لكل أحد، ولهم جميعًا معًا.

(‌ه)         النص وأسلافه الشعريين:
يتقاطع النص بكتابته عن النخلة على هذا النحو مع سلفين كبيرين من أسلافه الشعريين، كلاهما رائد من رواد تاريخ هذا الشعر- على الرغم من اختلافه معهما- أحدهما هو امرؤ القيس، أما الآخر فهو أحمد شوقي. وحينئذٍ يتقاطع ما هو نثري مع ما هو عمودي، ويتقاطع نص من موجات التجديد الأخيرة مع ذروةٍ من ذُرى نضجه القديم ممثلاً في امرئ القيس، وذروة أخرى من ذُرى استعادة هذا النضج في العصر الحديث ممثلاً في شوقي، ليدلل النص بهذا التقاطع على أن الشعر حلقة واحدة فمع اختلاف أشكاله، ومع الافتراق العميق بين شعرية نصوص شوقي وشعرية نصوص امرئ القيس وكذلك شعرية نص محمود قرني- ثمة جوهرٌ واحد يجمع بينهما، وثمة حقيقة واحدة، هي الحقيقة الشعرية، التي تتعدد وجوهها، والتي تتجلى في قصائد ونصوص في عصور تتفاوت وتتباعد، ولكنها تظل جميعها معًا على طريقٍ واحدٍ هو طريق هذه الحقيقة. فالشعر جوهر أو هيولا تتلبّس أشكالاً مختلفةً ومظاهر متباينة.
        لقد كانت النخلة في الشعر- على الدوام، فيما أتصور- أفقًا تشبيهيًّا، يمتاح منه التصوير الشعري أحيانًا تخييله حول المرأة- على وجه الخصوص. ولم تكن موضوعًا شعريًا جديرًا بالالتفات إليه، أو الكتابة فيه، وإن أمكن لقراءات حصيفة أن ترى في صورة النخلة في بعض الأحوال معاني ودلالات خاصة، ومتفردة- فإنها أبدًا تظل مشبهًا به. هي على الدوام أفقًا موازيًا لموضوعٍ شعري آخر.
        ويأتي شاعر عظيم مثل شوقي ليلحظ هذا المنحى في الكتابة الشعرية، وليرى في النخلة بذاتها جدارة بأن تكون هي نفسها موضوعًا شعريًّا كبيرًا، تجاهله الشعر العربي، أو غفل عنه، فيقول:
        أليس حَرَامًا خُلُوّ القصا                ئد من وَصْفِكُنَّ وعُطلُ الكُتُب
        وأنْتُنّ في الهاجِراتِ الظلالُ            كأنَّ أعالِيَكُنَّ العَبَبَ
        وأنْتُنّ في البيدِ شاةُ المُعيل                      جَناها بجانب أُخْرى حَلَب
        وأنْتُنّ في عَرَصاتِ القُصور             حِسانُ الدُّمى الزائناتُ الرَحَب(26)
ولكن ملاحظة شوقي- فيما يبدو- كانت أكبر حجمًا مما صاغه لسد هذه الثغرة، على نحو ما كتبه في القصيدة السابق بعض أبياتها.
فأبياته لا تكاد تتعدى الانتصار الموضوعي أو المنطقي للنخلة، بما هي مكون حياتي ذو أهمية في الحياة الماديّة للبشر، فيترجم لهذه الأهمية. وشوقي هنا لا يلتفت إلى النخلة إلا بما هي مكون من مكونات الواقع، لا بوصفها مكونًا شعريًّا تحفل به القصائد، ويُتَّخَذ كيانًا رمزيًا على شيءٍ ما، أو موضوعيًّا بذاته، تحتل فيه قيم التخييل الأدبي صدارة الاهتمام، وغايته الأولى.
النخلة عند شوقي هي النخلة في إحالتها الماديّة، أما النخلة عند محمود قرني فمفتوحةٌ على الرمز، على الأنثى، على التراث، على الآخر، على الكتابة، ... وأيضًا على النخلة ذاتها.
على أن التقاطعات النصية الأكثر كثافة بين نص النخلة ونصوص الشعر القديم الأخرى نجدها مع نصوص امرئ القيس.
        وعندما يحفر النص عند الجذور عائدًا إلى امرئ القيس وشعره عن المرأة- فيما صُنِّفَ تحت مسمى "الغزل"- فإن الأمر لا يتعلق حينئذٍ بشعر يتوجه شكليًا إلى المرأة في حين يرمي لأشياء أُخر، وإنما هو شعر يعود إليها بكليّة مراميه وجزئياتها، وكأنه على هذا النحو يعيدنا إلى بداهة ارتباط الشعر العربي بالمرأة.
        والكتابة مع هذه العودة تغوص على عُنْصرٍ قد يُهَمَّش بشكل دوري في بعض الكتابات التي لا ترى في الشعر إلا رديفًا للسياسي أو الاجتماعي الاقتصادي بما لا ترى معه في مثل الكتابة العربية عن المرأة سوى مساحات من السذاجة والتشاغل بها عما هو أكبر.
        يقول شاكر لعيبي: ”يبدو أن المغامرة باتجاه المرأة لم تَعُد تُشَكِّلُ في الضمير المستتر من الجملة العربية الغامضة، كما كانت في الماضي، مغامرةً وجوديةً، كما لو أنَّ الكينونة الأنثويّة لا تؤخذ على محمل الجَدّ، ولا يجري الإيمان بأنها تستأهل، هي ذاتها، شعرًا يليق بها، ليس بما يحيطها، أو يرضي- فحسب- السعادة المنغلقة على نفسها للذات الشاعرة. لم يكف الخطاب الشعري المعاصر عن استحضار المرأة رمزًا لكل نوع: للوطن، للأمة العربية، للحزب، لم تكن تُخاطب- في الغالب- كجغرافيا آدمية، ككينونة مستقلة، وفضاء خاص“
على أننا نجد افتراقات رئيسية بين نص محمود قرني ونصوص امرئ القيس، إذ:
-  تتحول شبقيّة امرئ القيس ونزواته المتعددة إلى واحديّة متفرّدة عند محمود قرني، دون أن تطالها السذاجة، أو تقتلها المجانيّة.
-  وبينما يركز امرؤ القيس على رجولة (رجل) إزاء الأنثى- يركز الآخر على المرأة إزاء الرجل، على أنوثة الأنثى إزاء (الرجل).
-  نص المعلقة، على سبيل المثال، وليس هكذا نص "النخلة"، تَبْجيْلٌ للذَّكَر المُغْوِي الذي يؤكد في كل لحظة على قدرته الرجوليّة، وجاذِبِيّته الذكوريّة؛ فلا تنفض مغامرة حتى يدخل في أخرى، ولا توحي الجديدة إلا بأنها قد بدأت منذ زمن، وأن هذه اللحظة إحدى لحظاتها الحيّة الدافقة.
ويَبْدو وقد جعلته قُدْراتُه كما لو كان مُتَرَبَّصًا به من قبَل الأُخْرَيات، اللاّتي كُنَّ في انتظاره، أو كُنَّ دومًا على موعدٍ قَدَرَيٍّ معه.
-  نص المعلقة يجعل من حيازة النساء متعةً بذاتها، ولا يَرُدّ على أي علاقة فاشلة إلا بعلاقةٍ أخرى لينفي عطالة شاعرها.
ولكن على الرغم من هذا الاختلاف والتباين هناك مساحات واسعة للتقاطع والاشتباك بين نص "النخلة" والمعلقة:
-  فالوصول إلى الأنثى صعبٌ، بعيد المنال، لا يتأتى إلا عبر طريق "محفوفةٍ بالمخاطر" (س26)، ولا تتصور "المتاهة" (س27) إلا على نحوٍ منه.
وأنثى امرئ القيس أنثى "لا يُرام خِباؤها"(27) ب(22)،تجاوز أحراسًا إليها ومعشرًا عليه حراصًا لو يُسِرُّون مَقْتَله ب(23).
-  وإذا كانت أنثى امرئ القيس امرأة الحذر، أو الخباء، الذي لا يُرام، "يجوز" إليها "ساحة الحي"، وينتحي به بطنُ خَبْت ذي قفافٍ عَقَنْقَل ب(28)، فأنثى محمود قرني امرأة الساحة، امرأة الانكشاف والعلن: "في ساحة البيت تميل في دلال" (س6)، التقاها حيث "كان النهار ربيعيًّا جافًا" (س17)، ودعاها "ساعة إشراق الشمس" (س30)، بينما امرئ القيس يأتيها "إذا ما الثُرَيّا في السماء تَعَرَّضَتْ": أوشكت على السقوط، حيث غفلة الرُّقَباء.
-  وبينما "تتدلل" فاطم على امرئ القيس: "أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل" ب(18)، تميل النخلة "في دلال" س(6)، تلقي سلامًا هنا، وسلامًا هناك.
-  وكما تمتع امرؤ القيس بأنثاه غير مُعجَلِ ب(22)، حيث تَمَهَّل، وتَمكَّثَ، غيرَ خائفٍ أو مُذْعور، أنس الشاعر المعاصر بنخلته/ أنثاه
”دَلّى عراجينها بتؤدَةٍ ولين
فأصبحت امرأةً ذاتَ أرْداف
ساحرةٍ وملونة“                                 س(47:45).
-      وبينما نجد البياض في النخلة/ المرأة، عند محمود قرني، في قلبها وطَلْعها:
”ينام على قلبك الأبيض حتى الصباح“        س(33).
”كان طلعها الأبيض كالحليب تذكارًا
موشومًا على قلبه“                             س(10،9).
كانت الأنثى عند امرئ القيس "مهفهفةً بيضاء" ب(31)، و"بيضة خِدْرٍ" ب(22)، و"كبِكْرِ مُقَاناةِ البياضِ بِصُفْرَةٍ" ب(32).
-  والمياه التي تُلْقي حول الأنثى في نص النخلة، تغذي دُرّة امرئ القيس "غَذاها نميرُ الماءِ غيرَ المحلَّلِ" ب(32)، وأيضًا ذُلِّلَتْ للنخل فخرج أُنْبُوبُهُ (البَرَديُّ الذي ينبت وسط النخل) أيضًا ناعمًا، فكانت ساقا أنثاه كذلك في بياضهما.
-      وعلى حين يشبه امرئ القيس شعر أنثاه شديد السواد في كثافته بـ"قنو النخلة المتعثكل" ب(35) ، ويقول عنه:
"غدائره مستشزرات إلى العُلا          تَضِلُّ المّدارَى في مُثَنَّى ومُرْسَلِ"    ب(36).
يماهي محمود قرني بين أنثاه والنخلة فنرى: شعرًا أخضر يخامر الأصابع س(31)، "يطلع ناعسًا من مخمله" س(32)، إنه أثيثٌ كما لدى امرئ القيس.
-  وكما كانت أنثى امرئ القيس "هضيم الكشح" ب(30)، وكما حَدَّثنا عن "كشحٍ لطيفٍ كالجَدِيلِ مُخَصَّرٍ" ب(37)، كان خصر الأنثى في نص "النخلة" "يشبه خاتم قديسٍ" س(35،34) ولعل تعين الإضافة إلى القديس يحيلنا إلى راهب امرئ القيس، ومنارته:
تضيء الظلامَ بالعِشاءِ كأنها             مَنَارَة مُمْسَ راهبٍ مُتَبَتَّلِ   ب(39)
إذ جعل أنثاه لِحُسْنها وبياضها كالسراج المضيء. ولعل اختيار الراهب أدعى لظهور الضوء للطارقين لعلو صومعته، ولأنه يضيء حيث يطفئ الناسُ نارهم، ولكن لا تخفى مع هذا دلالة الانقطاع والتبتل التي يقرنها كل من امرؤ القيس ونص "النخلة" بحديثه عن المرأة، كل بحسب طريقته.
-      والحب العارم الذي يجرف الشاعر في نص "النخلة":
”استسلمي لذراعي فأنا أحبك حتى النهاية“            س(42،41).
وعندما تحولت النخلة إلى ذكر نخيل أضحى
        ”العاشق ضائق الصدر
        يخرج برأسه من الباب إلى الساحة
        يملأ صدره المعطوب بالهواء
        ويعود حسيرًا“                                          س(77:74).
هو نفسه الحب الذي يتملك امرأ القيس في معلقته:
"وما إن أرى عنكَ العمايةَ تنجَلي" ب(26)، "إلى مثلها يرنو الحليم صبابة" ب(41)، وكذلك قوله:
"تَسَلّت عماياتُ الفؤادِ عن الصبا      وليس فؤادي عن هواكِ بِمُنْسَلِ" ب(42).




[I]  محمود قرني: واحد من أبرز شعراء قصيدة النثر خاصة في مصر الآن، ومن المهتمين أيضًا بالحوار حولها وحول الشعر. نشر للآن خمسة دواوين، هي:
- حَمّامات الإنشاد- أصوات أدبية- الهيئة العامة لقصور الثقافة- مصر- 1996م.
- هواء لشجرات العام- كتابات جديدة- الهيئة العامة للكتاب- 1998م.
- خيول على قطيفة البيت- دار الأحمدي للنشر- 1999م.
- طرق طيبة للحفاة- أصوات أدبية- الهيئة العامة لقصور الثقافة- 2000م.
- الشيطان في حقل التوت- ميريت للنشر والمعلومات- مصر- 2003م. ومنه هذا النص، الذي سوف نشير لسطوره بالرمز (س) .
(1) بول دي مان: العمى والبصيرة. ترجمة: سعيد الغانمي. منشورات المجمع الثقافي. أبو ظبي. 1995م. ص225: 255.
(2)  ب.م.دوبيازي: نظرية التناص. تعريب: المختار حسني.
 [II]ليست ملاحظة التشابه بين النخلة والإنسان من قبيل الملاحظة العابرة، بل تجذرت في الوعي الإنساني بعامة، عندما اعتقد أن ثمة أرواحًا تسكنها، والأمر ليس من باب المجاز، وإنما يعود إلى طبيعة ارتباط الإنسان نفسه بالكون عندما يؤنسن ما حوله. يرفد هذه العلاقة مشابهة النخلة شكليًا للإنسان، وللأنثى تحديدًا. يقول القزويني: ”إنها تشبه الإنسان من حيث استقامة قدها، وطولها، وامتياز ذكرها عن أنثاها، واختصاصها باللقاح. ولو قُطِعَ رأسُها هلكت، ولطلعها رائحة المني، ولها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها. والجُمّارُ الذي على رأسها لو أصابه آفة هلكت النخلة، كهيئة مُخ الإنسان إذا أصابه آفة، ولو قطع منها غُصْن لا يرجع بدله كعضو الإنسان، وعليها ليف كشعر يكون على الإنسان“. انظر: القزويني (زكريا بن محمد بن محمود): عجائب المخلوقات. قَدَّم له وحققه: فاروق سعد- دار الآفاق الجديدة- ط5- 1403ه/ 1983م. ص64،63.
والقصيدة تُصَرِّح بهذا التشابه أيضًا:
                   ”نحن متشابهان إلى حَدٍّ بعيد“                                   س(28).
(3) يقوم السحر التشاكلي أو المحاكاتي على أن الشبيه يُنْتج الشبيه، وأن المعلول ينتج علته. ويقوم النمط الاتصالي أو التلامسي على أن الأشياء التي كانت متصلةً بعضها ببعض في وقتٍ ما تظل في علاقة تعاطف بحيث أن ما يطرأ على أحدهما يؤثر بالضرورة تأثيرًا مباشرًا على الآخر، حتى بعد أن تنفصل فيزيقيًا.
انظر: جيمس فريزر: الغصن الذهبي. جـ1- ص142،83.
[III]  في مقابل الكلمة الطيبة/كلمة التوحيد/النخلة باستقرارها في الأرض، وصعودها إلى السماء، تأتي الكلمة الخبيثة/الحنظلة تصفقها الريح يمينًا وشمالا. قال قتادة: ”ما أعلم لها في الأرض مستقرًا، ولا في السماء مصعدًا إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها يوم القيامة“.
انظر: أبو حاتم السجستاني (سهل بن محمد بن عثمان): كتاب النخل. حققه وعَلّق عليه وقَدَّم له:د.إبراهيم السامرائي. دار اللواء للنشر والتوزيع. مؤسسة الرسالة. ط1-1405ه/ 1985م. ص38،37.
ويصل الإجلال حَدّه في قول السجستاني: ”ومما كّرّم الله- تبارك وتعالى- به أهل الإسلام، وكَرَّم به النخل: أن ليس في بلاد الشِّرْك منه شيء“! السابق ص42.
(4) عن أبي الزبيـر عن جابر عن النبي r قال: ”مَنْ قال سبحان الله العظيم وبحمده، غُرِسَتْ له نخلة في الجنة“. انظر: الترمذي (محمد بن عيسى بن سوره): الجامع الصحيح (سُنن الترمذي). تحقيق: كمال يوسف الحوت. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. المجلد الخامس. ص477.
(5) عن ابن عمر قوله: قال رسول الله r ”إن مِن الشَّجرِ شجرةً لا يَسْقُطُ ورقُها، وإنها مَثَلُ المُسْلِم، فَحَدِّثوني ما هِيَ، فَوَقَعَ الناسُ في شَجَر البوادي، قال عبد الله: ووَقَعَ في نفسي أنها النخلة، فاستحييتُ ثُمّ قالوا: حَدِّثنا ما هِيَ يا رسول الله، قال: هي النخلة“. انظر: البخاري (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم) : صحيح البخاري. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- لجنة إحياء كتب السنة. وزارة الأوقاف- مصر- القاهرة- 1418ه/ 1998م. ط4- كتاب العلم- جـ1- ص58.
(6) ابن الشجري (أبو السعادات؛ هبة الله بن علي بن محمد): الأمالي              
                                                                             جـ؟      ص؟     .
(7) عن انس بن مالك: ”أن رسول الله r كان يخطبُ إلى جِذْع نَخْلَةٍ، فلما اتخذ المنبر تَحَوَّل إلى المنبر، فَحَنَّ الجِذْعُ، حتى أتاه رسول الله r فاحتضنه، فسكن، فقال رسول الله r: لو لم أَحْتَضِنْه لَحَنّ إلى يوم القيامة“.
انظر: أحمد بن حنبل: المُسْند. ت: أحمد محمد شاكر. دار المعارف- مصر- 1396ه/ 1950م. جـ4- ص128.
[IV] تختلف هذه القراءة مع قراءة سابقة للديوان ككل، أنجزها الناقد/ صبحي حديدي: ودارت محصلة تعليقه على هذا النص على قدرة الشاعر على: رد اللغة إلى جذورها الغرائزية البكر؛ إذ يخاطب الشاعر في هذا النص أنثى بالفعل، ولكنها من نوع خاص، يَصْعُبُ أن يسْتدعيه البال من الخزين التصويري المألوف، ولعله يَشَقّ- فيما يرى- على ذلك البال المُدَرَّب على أطلاق العنان للمجاز؛ إذ يناجي الشاعر أنثى بالفعل، ولكنها أنثى- نخلة! ويرى أن تقديم النخلة في مجاز العمّة أخت الأب، أو تلك التي تُشْتَرى لها أرواب زينة- تقديمٌ يَنْتَهِك شروط التوافق المُسْبَق، لأن مساحة الدلالة أيًّا كان اتساعها يَنْدُرُ أن تُقَدِّم النخلة على هذا النحو، وهو بهذا يرد اللغة إلى غرائزيتها البَكْر، إلى جذورها الأقل تماسكًّا مع الذاكرة التمثيليّة الناجزة الراسخة في الوعي، والأكثر تشابكًا مع الكامن والغامض والخام وغير المستكشف.
انظر: http://www.jehat.com/ar/default.asp?action=article&ID=6907  وكان قد نشر أيضًا بالصحيفة الالكترونية: الحوار المتمدن - العدد: 1098 - 3/2/2005م.
وهنا لُب الاختلاف معه؛ إذ نرى أن مكمن شعرية هذا النص لم يكن في ابتكار مثل هذه الصيغة الاستعاريّة (كمجاز العمة أو أخت الأب أو شراء أرواب الزينة)، فهي مجازات موروثة سُبق إليها، وإنما مدار الأمر- كما تتواضع الطموحات كثيرًا حتى بعد الإنجازات الكبيرة الشاقة- على توظيفها أو التنويع عليها، لإنتاج إشارياته الخاصة، فضلاً عن دلالة التعامد على نصوص مركزيّة في المخيّلة العربية وإعادة استخدامها.
(8) الجاحظ (أبو عثمان؛ عمرو بن بحر): البيان والتبيين. تحقيق وشرح: عبد السلام هارون. مكتبة الخانجي. ط5- 1405هـ/1985م. جـ1 ص230.
(9) العَجْلوني (إسماعيل بن محمد): كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتُهِر من الأحاديث على ألسنة الناس. أشرف على طبعه، وتصحيحه، والتعليق عليه: أحمد القلاش. مكتبة دار التراث- القاهرة. جـ1-ص196،195.؟
(10) السابق: نفسه.
  [V]بنقل بذور اللقاح من النخلة الذكر إلى أزهار النخلة الأنثى.
(11) د.حسن الشرقاوي: معجم ألفاظ الصوفيّة. مؤسسة مختار- القاهرة- ط2- 1992م.
(12) فيليب سيرنج: الرموز في الفن- والأديان والحياة. ص297.
(13) شوقي عبد الحكيم: موسوعة الفولكلور والأساطير العربية. مكتبة مدبولي- القاهرة- 1998م. ص665.
(14) شوقي عبد الحكيم: السابق. نفسه.
[VI]  تقول عشتار عن نفسها:
                   ”أنا الأول، وأنا الآخر
                   أنا البغي، وأنا القِدِّيسة
                   أنا الزوجة، وأنا العذراء
                   أنا الأم، وأنا الابنة
                   أنا العاقِرُ، وكُثْرٌ هم أبنائي
                   أنا في عُرْسٍ كبير، ولم أتخذ زوجًا
                   أنا القابلة، ولم أُنْجِب أحدًا
                   وأنا سُلْوَةُ أتعاب حَمْلي
                   أنا العروس وأنا العريس
                   وزوجي من أنْجَبَني
                   أنا أم أبي، وأخت زوجي
                   وهو مِنْ نَسْلي“

انظر: فراس سواح: لغز عشتار؛ الإلوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة. دار علاء الدين. ط7- 2000م. ص7.
(15)  فراس سواح: لغز عشتار. ص152.
(16)  انظر: جيمس فريزر: الغُصن الذهبي. الهيئة العامة لقصور الثقافة- سنة  ؟    -الجزء الأول- الكتاب (2). فصل عبادة الشجر.
[VII] كانت دلالة الزينة عنصرًا محوريًّا في رمزية النخلة عند قدماء المصريين ومن تبعهم في ذلك ممثلاً في سكان حوض المتوسط، وبخاصّة الإغريق والرومان.
انظر: فيليب سيرنج: الرموز في الفن- الأديان- الحياة. ص298.
(17) انظر: - ابن هشام (محمد بن عبد الملك): السيرة النبويّة. تحقيق: مصطفى السقا وآخرين. الناشر: مصطفى البابي الحلبي. ط2- 1375هـ/ 1955م. جـ1 ص33.
          -ويقول ياقوت الحموي ناقلاً- فيما يبدو- عن ابن هشام: "وكان أهل نجران يومئذ على دين العرب، يعبدون نخلة لهم عظيمة، بين أظهرهم، لها عيد في كل سنة، فإذا كان ذلك العيد، علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه، وحليّ النساء". انظر: ياقوت الحموي (شهاب الدين؛ أبي عبد الله): معجم البلدان. دار صادر/دار بيروت 1404هـ/1984م. المجلد الخامس. مادة (نجران). جـ5 ص266.
          - د.محمد عجينة: موسوعة أساطير العرب عن الجاهلية ودلالتها. دار الفارابي. بيروت/العربية محمد علي الحامي للنشر والتوزيع- تونس. ط2- 1994م. جـ1 ص274.
(18) تقول الأغنية:
                   يا طالع السَّجرة
                   هات لي معاك بَءَرَة
                   تِحْلِبْ وتِسْئِيْني
                   بالمَعْلَءة الصيني
                   والمَعْلَءة انكسرت
                   يامِيْن يَربِّيْني
                   دَخَلْت بيتَ الله
                   لءِيْت رسول الله
                   بيْزَغّط في حَمام أخضر
                   يا ريت أنا دُءتُه
انظر: د.صابر العادلي: يا طالع الشجرة. مجلة الفنون الشعبيّة- الهيئة المصرية العامة للكتاب- العدد 57،56- يوليه/ ديسمبر 1997م. ص54:41.
(19)  د.صابر العادلي: يا طالع الشجرة. ص43.
(20) جورج بوزنر (وآخرون): معجم الحضارة المصرية القديمة. الهيئة المصرية العامة للكتاب. ط2- 1996م. ص130.
(21)  جورج بوزنر: السابق: نفسه.
(22)  فيليب سيرنج: الرموز في الفن- الأديان- الحياة. ص297.
[VIII] ومن عَجَبٍ أن مقولة النوع اللغوي تقضي على "النَّخْل" بأنه مما يُذَكَّر ويؤنث؛ فأهل الحجاز يُؤَنِّثونه؛ ففي التنـزيل: }والنخل ذاتُ الأكمام{ (الرحمن/11)، وأهل نجد يُذَكرِّون، قال الشاعر: ”كَنَخْلٍ من الأعْراضِ غَيْرِ مُنَبَّقِ“ انظر: الزبيدي (محمد بن محمد بن محمد): تاج العروس من جواهر القاموس. مكتبة الحياة- بيروت- 1966م. مادة: (ن.خ.ل).
حتى "النخلة" مفردة لا تحولُ تاء التأنيث دون وصفها في ظل مقولة النوع الطبيعي بالذكورة؛ فكما نجد "النخلة" نجد "النخلة الدّكر" كما تقول العامة، فضلاً عن "ذكر النخيل" كما بالنص.
لقد وقع الشاعر على دالٍّ كما يتقلّب مدلوله في الذكورة والأنوثة، يتقلب هو أيضًا في التذكير والتأنيث.
(23)  فراس سَوّاح: لغز عشتار؛ الإلوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة. دار علاء الدين. ط7- 2000م. ص32،31.
[IX] يقول الجاحظ تعليقًا على الآية الكريمة: ”إنما قَرَّع الطالبَ في هذا الموضع بإنكاره وضَعْفه، إذ عَجَزَ ضَعْفُهُ عن ضَعْفِ مطلوبٍ لا شيءَ أضْعَفَ مِنه، وهو الذُّباب“
انظر: الجاحظ (أبو عثمان؛ عمرو بن بحر): الحيوان. تحقيق وشرح: عبد السلام هارون. المجمع العلمي العربي الإسلامي/دار إحياء التراث العربي.ط3- 1388هـ/1969م. حـ4 ص37، 38.
(24)  الزبيدي: تاج العروس. مادة (ن.ب.س).
[X] يقول المعجم: حَسَرَ البَصَرُ يَحْسِرُ: كَلَّ وانقطع نَظَرُهُ مِنْ طُولِ مَدَىً. وبَصَرٌ حسير: كليل. وفي التنـزيل العزيز: }يَنْقَلِبُ إليكَ البَصَرُ خاسِئًا وهو حسير{ ( الملك/4). قال الفَرّاء: يريد ينقلب صاغرًا، وهو كليل، كما تَحْسر الإبلُ إذا قُوِّمَتْ عن هُزالٍ أو كلالٍ. ثم قال: وأمّا البَصَرُ فإنه يَحْسِرُ عند أقصى بلوغ النظر. انظر: الزبيدي: تاج العروس. مادة: (ح.س.ر).
(25) مايك كرانغ: الجغرافيا الثقافية؛ أهميّة الجغرافيا في تفسير الظواهر الإنسانيّة. ترجمة: د.سعيد منتاق. عالم المعرفة- الكويت_ العدد 317- يوليو 2005- ص47.
(26)  أحمد شوقي: ديوان شوقي. توثيق وتبويب وشرح وتعليق: د. أحمد محمد الحوفي. دار نهضة مصر للطبع والنشر. القاهرة.جـ1 ص47.
وتجدر الإشارة إلى بعض النصوص المتفرقة، على نحو قصيدة الأمير الصنعاني، التي مطلعها:
نظم هـــو الدر إلا أنه كلــم                        

أو أنه النور تخفى عنده الظلــم
والتي يحكم فيها في المفاضلة بين العنب والتمر، ردًا على قصيدة راسله بها أحد أصدقائه. وفي قصيدته نسمع جدال كل من العنب والنخل وحكمه بينهما. ومنها قوله:
هل قال ربي هزي الكول من عنب

أم قال هزي بجذع النخل لو فهموا
وقد علوت على الأشجار لا أحـد

ينالني منه بالأيــــدي ويستلم
وأنت تحتاج للأعواد من حطــب


ترقى بها حيث لا ساق ولا قــدم


­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­
انظر: الأمير الصنعاني (محمد بن إسماعيل الأمير الحسيني الصنعاني): ديوان الأمير الصنعاني. قدَّم له وأشرف على طبعه: علي السيد صبح المدني.مطبعة المدني. القاهرة. ط1- 1384هـ/1964م.
(27)  انظر: ديوان امرئ القيس. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. ط4- دار المعارف.مصر.
وإلى المعلقة فيه تعود أرقام الأبيات في الدراسة التي نشير إليها بالرمز (ب).
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المنجز اليومى

المشاركات الشائعة