نشر يوم الاثنين، 17 فبراير 2014
نشر بواسطة غير معرف
أعذروني أفضل الحذاء الخفيف ! | د. رغد السهيل
د. رغد السهيل 10 شباط 2012
البدايات دائما صعبة بكل أمر، وبداية كتابة مقال يتعلق بقضية المرأة العراقية أيضا صعبة لسبب واحد انني أحتار من أين أبدأ ؟..
فهل أبدأ بمناقشة الفكرة العلمية خلف تحديد نوعية حذائي للنهوض بواقعي ؟، أم يتوجب أن أبدأ بهذا الحشد الهائل من الرجال أكثر من النساء، الذي رأيته بعيني في دار المدى بالمتنبي يوم الجمعة ، ونحن نعرض الخطوات العملية الفعلية ضمن برنامج محدد الافكار لفكرة النهوض بالمرأة العراقيةن وبالتالي النهوض بالأسرة فالمجتمع فالوطن ..؟؟؟
شتان ما بين الاثنين، فالأول كل همه محصور بنوعية حذائي، والاخر يسمع أنين وجع المرأة العراقية محاولا أن يضع لها حلولا جذرية لا مهدئات ومسكنات ..
ربما يعتقد البعض ان فئة من النساء تعاني من نوعية أحذيتهن فأراد أن يحل تلك المعضلة، فيحاول توجيهنا بارتداء أنواع معينة من الأحذية كي لا تؤلمنا أقدامنا الجميلة ! لكن غاب عن هؤلاء ان المرأة تستطيع بتغير نوعية حذاءها متى شاءت دون الحاجة لتعليمات من لجان ، لكن أي أرملة تستطيع زيادة راتبها الشهري الممنوح من الدولة !! ، وأي عراقي يستطيع زيادة وقت الكهرباء الوطنية لنصف ساعة اضافية !!، وأى معوق يستطيع ان يجد البديل لساقه!!
المحاولة التى كانت في شارع المتنبي وحدها جديرة بالتوقف الحقيقي ..ذلك موقف تاريخي ، اجمل ما فيه انه خرج من قلب دار الفكر والكتب والثقافة ، من دار المدى ، لأن الفكر الحقيقي اذا أراد أن ينطق فانه سينصف..فالمثقف الذي لا دور له شيطان أخرس ..
كان انجازا بعمل ميداني حقيقي، وبعيدا عن منظمات المجتمع المدنى، التى تنفخ منذ سنوات في بالون مثقوب، ولا تجد من يسمعها ..اليوم الكل سمع .. كافة أطياف العراقيين سمعت ،الفقير والغني المرأة والرجل والأطفال أيضا ، وحتى هؤلاء النسوة المتسولات كن حاضرات ايضا .. حيث سألتني أحداهن وهي تبيع الحلوى و تلف عباءتها الرثة حولها : لم هذا التجمع ( شنو صاير أشو هوسه) ؟
قلت لها: للمطالبة بانصاف النساء
قالت لى : ( رحمة لوالديك اكو مسؤول هنا أقول له انني أرملة ومريضة صاحبة 6 أطفال وصار لى سنتين احاول الحصول على منحة الأرامل دون نتيجة، وما عندى فلوس أروح أاراجع كل يوم لدار الرعاية !!)
وحتى المتنبي شعرت بروحه حاضره وهي تنطلق من تمثاله مشيرا بأصابعه نحونا .. :
لا يمكن احداث أي تغير بأي مجتمع ولا يمكن أن تنجح أى قضية مالم يكن خلفها فكرا مستنيرا بتجارب الاخرين، ومتذكرا لأرواح شهيدات العراق وهن بغني عن التعريف ، وايضا كانوا معنا جميعهن ....
لا تصنف القضية ضمن حقوق المرأة قدر ما هي حقوق شعب بأكمله أختزلوها بنوعية الحذاء!!..
حق الحياة الكريمة لكل الفئات من الأرامل والأيتام ونساء العراق المنهكات بالاخص تلك التى تنبش بالنفايات باحثة عن قوت عيالها وقضايا والمعوقين والمعوقات، و اعادة الكهرباء، وانارة العراق ،وشربي لماء نقي صاف، وايجاد الدواء للمرضى المعدمين، وتعليم أولادي في مدارس لائقة ، كلها قضايا أهم بكثير من نوعية حذائي الذي كان احد تعليمات لجنة النهوض بالمرأة ؟؟!
ليست القضية أن ننجح او نفشل بما نطالب به ، قدر ما تتوقف على كيفية التفكير، وما هي أهدافنا الحقيقية ، أهي حقا النهوض ام التقييد والتكبيل لأكون محصورة الفكر بنوعية حذائي ؟؟
شخصيا أعتبر يوم العاشر من شباط 2012 يوما تاريخيا عراقيا محضا ، بجدارة وببساطة عميقة لانه انطلق من الشارع، لم يكن في فندق خمس نجوم، ولم نكن نجلس في قاعة فخمة ونوزع الملفات، وندعو الشخصيات فيتم التصفيق ونتحدث بالاعلام، ثم نتناول الطعام وبعدها قبلات الوداع ..انما كان يوما مميزا في وسط شارع المتنبي الذي أنجب منذ عشرات السنين نازك الملائكة وسافرة جميل حافظ ونزيهه الدليمى وأمينة الرحال وبنت الهدى وبولينا حسون ولطفية الدليمي وووووو من هذا الشارع أردنا حقا النهوض بعلمية وعملية بالواقع المؤلم للمرأة ؟؟
تساءلت وأنا أبصر تلك اللوحة الرائعة التى وضعتها دار المدى على بابها من نجوم عراقية نسائية شكلن مواقعا بالمحافل المحلية والدولية والعالمية : ما نوع الأحذية التى كن يرتدينها هؤلاء النسوة ؟؟ وحاولت ان أربط بعلمية عن علاقة نهوض هؤلاء النسوة وبين نوعية أحذيتهن .. فبحثت عن أى كتاب في المكتبات التي حولي ، لم اجد ، لذا اعذروني لن اصدق الفكرة لاننى انسانة علمية ..
وبنفس الوقت وجدت أمامى طرحا عميقا متفهما أبعاد حاجاتنا كبشر، بمعزل عن الجنس لذا أتقدم الى دار المدى والى اشقائنا الرجال الذين ساندونا ووقفوا معنا هناك بتجمع شعبي وتاريخي..لكل هؤلاء أتقدم بالشكر العميق باسمي الشخصي وباسم كافة نساء العراق اللواتى شعرن بعمق الاهانة حين يتدخل أحد بنوع أحذيتهن ..واعذروني أفضل الحذاء الخفيف لأتمكن من حمل عقلي الثقيل بالوزن والنوع !!








