نشر يوم الأحد، 26 يناير 2014
نشر بواسطة غير معرف
رأيت الفاشية بعينيي | كارم يحيى
رأيت الفاشية بعينيي
شهادتي عما جرى بمحطة المعادي الواحدة ظهر السبت 25 يناير
توجهت الي محطة المعادي للمترو قاصدا وسط البلد . في الطريق رأيت لافتات معلقة تهنئ الشرطة بعيدها في 25 يناير وعليها صور السيسي ومحمد إبراهيم .. لا كلمة واحدة عن الثورة وحتى صور الشهداء على جدران أحد المنازل في ميدان الحرية جرى محوها بعناية .
عندما وصلت الى المحطة من ناحية شارع 7 كانت الساعة الواحدة ظهرا . ولاحظت فور الدخول الى الرصيف المؤدي الى " المرج" طليعة تجمع للشباب على مدخل المحطة في الجانب الآخر ( شارع 9) . وتبين لي بالكاد أعلاما بيضاء مرفوعة .وعلي إثنين منها إثنان من البورتريهات للشهيدين الشيخ عماد عفت ومينا دانيال . بدا لي ان الهتافات كانت ضد العسكر والإخوان معا . دقيقة أو دقيقتان وشاهدت مجموعة من الشباب بملامح بلطجية تأتي مسرعة من خلفي لتعتلي الكوبري باتجاه الرصيف المقابل . وكان أحدهم يعلق في رقبته رباطا تتدلي منه صورة السيسي في ملابسه العسكرية . وعندما بلغوه اخرجوا خراطيش . وبدأوا في استهداف المتظاهرين .
وسرعان ما تبين لي ان الهجوم على المتظاهرين المعارضين كان على هيئة "كماشة " . فرغم الهجوم من الأمام فقد اندفعت اعداد منهم الى داخل المحطة على الرصيف فيما ظهر مطاردون لهم من شرطة بملابس رسمية وملابس غير رسمية وهم يحملون المسدسات و السلاح الآلي وبعضهم ملثم في ملابس سوداء . كان المشهد مرعبا . واصوات طلقات الخرطوش والنار تتردد في جنبات محطة المترو . والبلطجية من حاملي الخرطوش وضاربيه يعملون في حماية الشرطة بل ورعايتها . والناس حتى في الجانب الآخر من المحطة تبحث عما تحتمي به .
انطلق المطاردون وراء المتظاهرين الفارين على قضبان المترو باتجاه محطة ثكنات المعادي . و ساد الرصيف المتجه الى حلوان نفسه مشهد مخيف من رجال الأمن الشاهرين سلاحهم . يقينا كان الشباب المتظاهر لا يحمل أي سلاح ولا حتى الحجارة . لم يكن معهم سوى أعلامهم وحناجرهم وصور شهداء ثورة يناير .
جاءت رحلتان من المترو في اتجاه " المرج". ولكنهما لم تتوقفا في محطة المعادي . والركاب متسمرون في اماكنهم رعبا . لا يعرفون كيف يتحركون . لقد أربكتهم المفاجأة . فقط احتموا بالأعمدة والحوائط . وسنحت الفرصة لي لتبين ملامح وجوه البلطجية العائدين مظفرين من غزوة الرصيف المقابل . كانوا شبابا تحت العشرين في وجوههم آثار معارك ربما جرت بالسكاكين والمطاوي وشفرات الحلاقة . وبدت على الوجوه ملامح نشوة الانتصار . بينما صاح شرطي من الرصيف المقابل :" قبضوا على ولاد الكلب".
فكرت في أن التقط صورة بكاميرا صغيرة كانت معي أو بعدسة الهاتف المحمول للبلطجية أو أحدهم ممن عادوا للتجمع خارج المحطة باتجاه شارع 7أو لرجال الشرطة بملثميهم على الرصيف الموازي لشارع 9 .لكنني شعرت بالخوف وتحسبت للعواقب .وتذكرت زميلي " أحمد محمود" الذي قتله ضابط شرطة في ملابسه الرسمية وهو يلتقط الصور من شرفة مكتبه في شارع محمد محمود يوم 29 يناير 2011 . وقمنا بتعليق صورة قاتله التي التقطها بكاميرا هاتفه في بهو مدخل نقابة الصحفيين لمدة نحو شهر كامل اثناء حكم المجلس العسكري الأول .
لكن عبثا لا الداخلية ولا النائب العام ولا القضاء تفضل اي منهم بالبحث عن صاحب صورة قاتل الشهيد . وتذكرت ان أيا من رجال الشرطة والجيش من قاتلي الشهداء لم يحاسب أبدا .
الرحلة الثالثة للمترو بعد مشهد الفزع هذا توقفت . و دخلت الى عربة نصف فارغة . ولفنا صمت .لم يقطعه إلا نداء إثنين من الباعة الجائلين من الشباب الأقل من العشرين عاما . ركبوا من المحطة التالية " حدائق المعادي " وأخذوا في الصياح على بضاعتهم من صور السيسي و علاقات في الرقبة تحمل صوره . كسروا صمت العربة وهم يجوبونها جيئة وذهابا وهم يستحثون الركاب على شراء بضاعة " البطل " بجنيه وبجنيهين . لكن أحدا لم يشتر. بل كان بامكاني ان الاحظ ان عيون الركاب الزائغة اصلا حرصت على ألا تلتقي بعيون البائعين أبدا .
هبط الشابان في المحطة التالية (دار السلام ) .وحمدت الله لأن أحدا منهما لم يخرج من ملابسه مسدسا ويفرغه في زبائن غير متجاوبين .. وغير متحمسين . وأكمل المترو رحلته فيما تأبد صمت العربة مختلطا بنظرات توجس بين راكبيها .
وعندما عدت الى البيت في نحو الرابعة عصرا بعدما أخذت جرعة كافية من مظاهر " عبادة الفرد " ومعها مزيدا من الشواهد بالعين واليقين بأن الشرطة تتصدى بأقسي درجات القمع والوحشية لأي صوت آخر يرتفع يخالف مارش " تسلم الأيادي "وجدت زوجتى وقبل ان انطق بكلمة واحدة تلح أمام إبني أن نغادر هذا البلد .
كانت هي ا لأخرى مرعوبة مع انها لم تكن قد غادرت المنزل في هذا اليوم قط . ولم أكن قد اخبرتها بشئ مما رأيت بعيني هذين مما جرى في محطة المعادي الواحدة ظهر يوم السبت 25 يناير 2014
شهادتي عما جرى بمحطة المعادي الواحدة ظهر السبت 25 يناير
توجهت الي محطة المعادي للمترو قاصدا وسط البلد . في الطريق رأيت لافتات معلقة تهنئ الشرطة بعيدها في 25 يناير وعليها صور السيسي ومحمد إبراهيم .. لا كلمة واحدة عن الثورة وحتى صور الشهداء على جدران أحد المنازل في ميدان الحرية جرى محوها بعناية .
عندما وصلت الى المحطة من ناحية شارع 7 كانت الساعة الواحدة ظهرا . ولاحظت فور الدخول الى الرصيف المؤدي الى " المرج" طليعة تجمع للشباب على مدخل المحطة في الجانب الآخر ( شارع 9) . وتبين لي بالكاد أعلاما بيضاء مرفوعة .وعلي إثنين منها إثنان من البورتريهات للشهيدين الشيخ عماد عفت ومينا دانيال . بدا لي ان الهتافات كانت ضد العسكر والإخوان معا . دقيقة أو دقيقتان وشاهدت مجموعة من الشباب بملامح بلطجية تأتي مسرعة من خلفي لتعتلي الكوبري باتجاه الرصيف المقابل . وكان أحدهم يعلق في رقبته رباطا تتدلي منه صورة السيسي في ملابسه العسكرية . وعندما بلغوه اخرجوا خراطيش . وبدأوا في استهداف المتظاهرين .
وسرعان ما تبين لي ان الهجوم على المتظاهرين المعارضين كان على هيئة "كماشة " . فرغم الهجوم من الأمام فقد اندفعت اعداد منهم الى داخل المحطة على الرصيف فيما ظهر مطاردون لهم من شرطة بملابس رسمية وملابس غير رسمية وهم يحملون المسدسات و السلاح الآلي وبعضهم ملثم في ملابس سوداء . كان المشهد مرعبا . واصوات طلقات الخرطوش والنار تتردد في جنبات محطة المترو . والبلطجية من حاملي الخرطوش وضاربيه يعملون في حماية الشرطة بل ورعايتها . والناس حتى في الجانب الآخر من المحطة تبحث عما تحتمي به .
انطلق المطاردون وراء المتظاهرين الفارين على قضبان المترو باتجاه محطة ثكنات المعادي . و ساد الرصيف المتجه الى حلوان نفسه مشهد مخيف من رجال الأمن الشاهرين سلاحهم . يقينا كان الشباب المتظاهر لا يحمل أي سلاح ولا حتى الحجارة . لم يكن معهم سوى أعلامهم وحناجرهم وصور شهداء ثورة يناير .
جاءت رحلتان من المترو في اتجاه " المرج". ولكنهما لم تتوقفا في محطة المعادي . والركاب متسمرون في اماكنهم رعبا . لا يعرفون كيف يتحركون . لقد أربكتهم المفاجأة . فقط احتموا بالأعمدة والحوائط . وسنحت الفرصة لي لتبين ملامح وجوه البلطجية العائدين مظفرين من غزوة الرصيف المقابل . كانوا شبابا تحت العشرين في وجوههم آثار معارك ربما جرت بالسكاكين والمطاوي وشفرات الحلاقة . وبدت على الوجوه ملامح نشوة الانتصار . بينما صاح شرطي من الرصيف المقابل :" قبضوا على ولاد الكلب".
فكرت في أن التقط صورة بكاميرا صغيرة كانت معي أو بعدسة الهاتف المحمول للبلطجية أو أحدهم ممن عادوا للتجمع خارج المحطة باتجاه شارع 7أو لرجال الشرطة بملثميهم على الرصيف الموازي لشارع 9 .لكنني شعرت بالخوف وتحسبت للعواقب .وتذكرت زميلي " أحمد محمود" الذي قتله ضابط شرطة في ملابسه الرسمية وهو يلتقط الصور من شرفة مكتبه في شارع محمد محمود يوم 29 يناير 2011 . وقمنا بتعليق صورة قاتله التي التقطها بكاميرا هاتفه في بهو مدخل نقابة الصحفيين لمدة نحو شهر كامل اثناء حكم المجلس العسكري الأول .
لكن عبثا لا الداخلية ولا النائب العام ولا القضاء تفضل اي منهم بالبحث عن صاحب صورة قاتل الشهيد . وتذكرت ان أيا من رجال الشرطة والجيش من قاتلي الشهداء لم يحاسب أبدا .
الرحلة الثالثة للمترو بعد مشهد الفزع هذا توقفت . و دخلت الى عربة نصف فارغة . ولفنا صمت .لم يقطعه إلا نداء إثنين من الباعة الجائلين من الشباب الأقل من العشرين عاما . ركبوا من المحطة التالية " حدائق المعادي " وأخذوا في الصياح على بضاعتهم من صور السيسي و علاقات في الرقبة تحمل صوره . كسروا صمت العربة وهم يجوبونها جيئة وذهابا وهم يستحثون الركاب على شراء بضاعة " البطل " بجنيه وبجنيهين . لكن أحدا لم يشتر. بل كان بامكاني ان الاحظ ان عيون الركاب الزائغة اصلا حرصت على ألا تلتقي بعيون البائعين أبدا .
هبط الشابان في المحطة التالية (دار السلام ) .وحمدت الله لأن أحدا منهما لم يخرج من ملابسه مسدسا ويفرغه في زبائن غير متجاوبين .. وغير متحمسين . وأكمل المترو رحلته فيما تأبد صمت العربة مختلطا بنظرات توجس بين راكبيها .
وعندما عدت الى البيت في نحو الرابعة عصرا بعدما أخذت جرعة كافية من مظاهر " عبادة الفرد " ومعها مزيدا من الشواهد بالعين واليقين بأن الشرطة تتصدى بأقسي درجات القمع والوحشية لأي صوت آخر يرتفع يخالف مارش " تسلم الأيادي "وجدت زوجتى وقبل ان انطق بكلمة واحدة تلح أمام إبني أن نغادر هذا البلد .
كانت هي ا لأخرى مرعوبة مع انها لم تكن قد غادرت المنزل في هذا اليوم قط . ولم أكن قد اخبرتها بشئ مما رأيت بعيني هذين مما جرى في محطة المعادي الواحدة ظهر يوم السبت 25 يناير 2014








