أحمد سيف الإسلام - هل عرفته؟ | هانى الحسيني
قرأت بعض ذكريات كتبتها إكرام يوسف عن أحمد سيف الإسلام، فوجدت في نفسي رغبة لتلخيص معرفتي بأحمد سيف الإسلام.
كانت أول مرة أقابل فيها أحمد سيف الإسلام عام 1978 أو ربما 1979 في المهندسين في شارع باخوم بجوار سور نادي الصيد حيث كان يسير بصحبة ليلى سويف ودراجتها. كانت ليلى معيدة (وكانت تأتي للجامعة بالدراجة) وأنا طالب في سنة أولى أو ثانية، ولم تكن صلتنا وثيقة بعد. عرفتني على سيف، وبعدها قابلت سيف أمام كلية الاقتصاد (أظن كان تخرج وقتها) وبدأ يحدثني في السياسة وأهمية التنظيم :)
كانت هذه المرة الوحيدة التي كان في كلام سيف معي شبهة تجنيد لتنظيم سياسي.
بعد زواج سيف وليلى وتوثق علاقتي العلمية والشخصية بليلى كنت أقضي كل وقت فراغي وأنا في سنة رابعة عندهم في البيت (في شارع فيصل حيث يقيم الآن علاء ومنال وخالد). كنت أقضي نصف الوقت في حل مسائل الجبر مع ليلى ونصف الوقت في مناقشات سياسية ولعب كوتشينة مع سيف.
ظلت العلاقة على هذه الصورة - رياضيات مع ليلى وكوتشينة ومناقشات سياسية مع سيف - حتى حوالي عام 1984.
عن طريق سيف وليلى تعرفت على أحسن ناس: كمال خليل وفاتن فضة وبناتهما، أم حمدي وأولادها وبناتها، سامي البلعوطي، منى مينا وسعيد أبو طالب.
أنا لم أكن أبداً من ممارسي السياسة، يعني آخر الموضوع عندي تحليلات وقراءات، ولم يقبض علي إلا لأيام معدودات، بينما كانوا كلهم مناضلين سياسيين يدخلون السجون أو يتابعون رفاقهم المسجونين، ويقال أنهم كانوا ينشئون تنظيمات سرية.
كانت علاقتنا وثيقة لدرجة أنهم أخدوني معهم إلى "البلد" والمقصود بلد سيف في مركز حوش عيسى، وهناك تعرفت على عم عبد الفتاح والد سيف (رحمه الله) ودمرني في السيجا التي كنت أتصور أني حريف فيها.
في فترات مختلفة رأيت سيف عاطلاً، ورأيته يعمل سائق تاكسي (وهو خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية)، ورأيته مديراً لدار نشر (مطبوعات القاهرة)، ورأيته يعمل محامياً تحت التدريب في مكتب محامين أصغر منه. ورأيته مشاركاً مع هشام مبارك (رحمه الله) في مركز القاهرة، ثم مسئولاً عن المركز بعد وفاة هشام، ثم رأيته معلماً لشباب المحامين ومحامياً كبيراً يهتز أمامه أي وكيل نيابة. في كل تلك الأحوال كان سيف هو نفسه، يتصرف بنفس الطريقة ويتعامل مع الناس بنفس الروح الضحوكة. حتى في أزمات صعبة كان سيف "يفلت" دائماً ببساطته وقدرته على أن يقول "متأسف" عندما يكون فعلاً متأسفاً.
ما الجذاب في شخصية سيف؟ لماذا أحبه كل من تعرف به؟ هل كان الانعدام المطلق للتظاهر الاجتماعي؟ هل هي المعاملة الودودة؟ هل هو ما تقوله ليلى من أنه "لا يحكم على الناس"؟ هل هو توظيفه لكل طاقته لمساعدة الآخرين عندما يحتاجون؟
الحقيقة لا أعرف.
اختلفت كثيراً في الآراء السياسية وفي رؤية الحياة مع سيف، لكني لم أشعر في أي لحظة بأنه شخص لا أحب أن أقابله، وأعتقد أن في روحه خليط خاص من النقاء والحذر "الفلاحي" يجعله قادراً على أن يعطي كل شخص ما يحتاجه. ربما نسمي ذلك الخليط "السيفية".








