Headlines
نشر يوم السبت، 19 أكتوبر 2013
نشر بواسطة هشام الصباحي

الانسحاب الداخلي | أدونيس

عرّف مثل هذه اللحظات الإشراقية وكتب عنها أيضا، كثير من الكتاب الآخرين في الغرب،إ ضافة إلى متصوفيه المسيحيين. ويجمع هؤلاء على أن الشرط الأولي لظهور البروق الإشراقية يتمثل في انسحاب الإنسان إلى داخل ذاته، حيث يعيش هذا الداخل، ويعيش فيه، قاطعا صلاته مع العالم الخارجي، من جهة، ومع منهج المعرفة العقلية الوصفية، من جهة ثانية. في هذا الإنسحاب يزداد الإنسان حضورا لذاته وفي ذاته، ويصبح أكثر قدرة على التوغل في أعماق الوجود.


وقد وصف جورج باتاي سنة 1939 هذا الانسحاب قائلا:

"أستسلم للهدوء حتى الانعدام،

يذوب ضجيج الصراع في الموت، كما تذوب الأنهار في البحر، وكما يذوب تلألؤ النجوم في الليل،

تكتمل قوة الصراع في توقف كل عمل

أدخل في الهدوء كأنني أدخل في مجهول غامض،

أسقط في هذا المجهول الغامض"


ويتحدث عن تحوله في لحظة النشوة أو الانخطاف فيقول:"أتحول إلى هرب لا حد له، خارج ذاتي، كما لو أن حياتي تجري أنهارا بطيئة عبر حبر السماء. لا أعود آنذاك نفسي، لكنما يخرج مني يبلغ حضورا بلا حد يأسره في أحضانه، يبدو هو  نفسه أشبه بضياع ذاتي" ويتابع باتاي قائلا:"أرى في الانخطاف (النشوة) الخارج، لكن يضايقني كل تماسك فيه - أوراق الشجر مثلا، أمامي". لكنه يقدر أن يرى بسهولة السماء أو الغيوم لأن هذه "أشياء تتفكك". ففي النشوة ينعدم كل شيء حي حتى الله.

يقول:"أتصورالفراغ شبيها باللهب،

غياب الشيء يكشف عن اللهب الذي يسكر ويضيء."


فثمة إذن تغييب أو تجاوز للعقل والمنطق. وفي هذا يشكل موقف باتاي جزء من الموقف في الحركة السوريالية المعنية أساسا باكتشاف ما تسميه القارة الداخلية، وبالأدوات التي تتيح هذا الاكتشاف.


About the Author

Posted by هشام الصباحي on 1:22 م. Filed under . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0. Feel free to leave a response

By هشام الصباحي on 1:22 م. Filed under . Follow any responses to the RSS 2.0. Leave a response

0 التعليقات for "الانسحاب الداخلي | أدونيس"

Leave a reply

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المنجز اليومى

المشاركات الشائعة