Headlines
نشر يوم الأحد، 14 أبريل 2013
نشر بواسطة غير معرف

صبحى موسى |













لهــــذا أرحــــــل   


الدار للطباعة والنشر
أكتوبر 2005



اسم العمل :
النو

لهــذا أرحــل
تأليف :

صبحى موسى
تصميم الغلاف :

محمد خسرو
الطبعة الأولى :

أكتوبر – 2005 م
الطباعة :

مطبعة آتيليه تاتش – المحروسة
الناشر :

الدار للنشر والتوزيع
تليفون – فاكس :

3531343 (202)
بريد إلكترونى :

                 eddar_press@yahoo.com

                 www.geocities.com\eddar_press
المدير العام :

محمــد صــلاح مــراد
رقم الإيداع :


الترقيم الدولى :








لهـــذا أرحـــــل

صبحــى موســى










إهـــداء

إلى ابنتي آيــات
لأنهــا لا تعـرف عن الراحــلين                                             ســوى
أسمائهم
                           
صبحى موسى











                  









 ما تبقى من جثتي















اِسمحى لي
 أن ألوح من بعيد وأرحل
 فجميعهم لوحوا
 ورحلوا من هناك
 جميعهم
 كانوا يرفعون خوذاتهم
 مواعدين الصباح بأنهم عائدون
 لكن أحدًا
 لم يعد







أصدقاؤنا الذين عادوا
كانوا مختلفين تمامًا
عما نعرفهم
ليس لأن سيقانهم بترت
ولا لأنهم كانوا بلا أذرع يلوحون بها
أو ابتسامات يطلقونها في وجوهنا
ولكن
لأنهم ماتوا











لنجلس الآن ونعد بقايانا
زجاجة خمر ؟! أوراق نرد ؟!
 بضع رصاصات فارغة ؟!
لنجلس أيضًا
ونعاود العد من جديد
فثمة شيء صغير ضائع
لم نره منذ رحيلنا
ربما كنا نحن هذا الذي
لا تعيده الرصاصات الفارغة







... اِسمي ؟!
فقدته هناك
كان يجلس بجانبي
يتناول الشاى
ويحكى عن طفولته وسط الحصار
وحلمه أن يصبح ديكتاتوراً ذات مساء
لأن هؤلاء وحدهم
هم القادرون على
منحنا اسمًا









لي أن أقاتل..
ولي أن أخون.. ولي أن أبيع أصدقائى
من أجل رغيف خبز
 أو شربة ماء..
 لي أن أضع السونكى فى جروحهم
 لأكتب وصيتى










احزن يا صاحبى كما شئت
 فلن أشاركك الحزن
يكفي ما بيننا من جرحى وقتلى وموت
يكفي الآن أننا ..
لا شىء !







ليس لدينا سوى بضعة خطابات
كتبنا حروفها سويًا
كانت دموعنا كل ما نملك
وحين جفت
شكرنا الله
لأنه كان كريماً بما يكفى
لأن تنسف شظيةٌ
رأس واحد منا








هل كنا الذين ذهبوا
أم أن أشباحًا تمثلت أجسادنا
 مثلما تمثلت جسد المسيح قديمًا
لولا أنه رفع
وأننا
لم نكفِّر حتى
عن ذنوبنا فقط 









مرسل لكِ
خطابي هذا وطيه:
بطاقتي العسكرية
وما تبقى من جثتى



























روعة أن تكون نبياً
إلى وديع سعادة





















تعرف يا وديع
منذ أعوام وأنا
أحاول فك شفراتك،
صعبٌ جدًا
أن تحاول فك شفرات رجلٍ
لا شفرات له
رجلٍ محمل بسحابة من العصافير
تحط أينما شاء
وترحل حيثما يرحل








الآن فقط رأيتك
لم تكن العصافير التي دلت عليك
ولا لحيتك المهذبة بعناية
أو قامتك التي لا تزيد عن قامتي
سوى بسنتيمتر واحد








ربما يبدو الشبه متقاربًا
في عين من لا يستطيع
معرفة الفروق جيدًا
فثمة تاريخٌ
لا يحمله المرء على كتفيه
ولا يضعه كقبعة
يُستدل بها عليه
حين تُفقد معالم الوجوه







كنتَ أسفل النافذة
تصافح الباعة المتجولين
وتعبئ آخر النهار
في كيس بلاستيكي فارغ
كي تفتحه حين تعود إلى شقتك
فتجلس وحيداً
طيلة الليل
في ساعة الغروب








رأيتكَ ؟!
نعم، فلا مجال للشك
حين يحلم المرء بنبي
أو يرى سيداً وديعاً
يصافح الذين قتلوه
بأكثر مما ينبغي للوداعة أن تكون








لم يكن حلماً
فنافذتي وبيتي المهترءان
لا يأتيان في حلم ،
ولا مكان في النوم لرجل
يكتب على ظهره :
" إنما جئت لأشعل من تحتي ناراً "


















من أجل هذا أرحل







الذي تعرف يا صاحبى

 ليس أنا
 لكنه ذلك المخلوق البائس الذي ادعى
معرفة الله وكتابة الشعر
كم كان غبيًا
لأن الله والشعر
لا يجتمعان معاً.







خذ أيها الشرطي كأساً
وتسامر معي
لأننا
 لسنا عدوين
ربما كنا صديقين
 لعبا سوياً
وتشاجرا كثيراً
ولم ينزع أي منا
وجه الآخر





لي صديقٌ شاعر
كان يرى الأرض بساطاً سحرياً
وكثيراً ما حدثني عن الأخضر واليابس
وهؤلاء الذين يلقَوْنَه
صباح مساء ..
كان يسميهم المائي والهوائي
ويمنح نفسه لقباً
كثيراً ما حسدته عليه
لأنه ...
تركني بلا ألقاب






سوف أذكر لصديقتي
أنها تركت لجسدها
أن ينمو أمام عيني
سوف أذكر أيضاً
قبلتها الأولي
وصفعتها الساخنة
وإيشاربها الذي
جعلته سروالاً لي .







لا أحب الماعز
لكن أبي ربطني في ذيلها
وتركني وسط الحقول
حين سألته قال :
ليس هناك أفضل منها
 يعلمك الصبر
والفقر  .











....
و لأنني
وجدت على مشارف القرى أناساً
يمكنها البكاء من أجلي
فسوف أرحل .






































في انتظار مُعِّرجٍ على غابة
                              لا يعود من زوارها أحد




































انزف قليلاً
كي تنتهي من الجرح
وتُبعث من بين الورود سيداً
لا يعرف الصمت .
انزف يا صاحبي
فما زلت تبحث عن جدارية
تضع عليها نعليك
وتهرب نفسك من الخدمة العسكرية
وبقايا الليل
وأيدي المغسل العجوز
التي تدعك أعضاءك بوهن .








ها أنت
تتسلل من بين الجدران والعتمة
كي تتشمم روائح الذين عبروا على جثتك
وبقايا أطعمتهم
تتشمم سجائرنا ونكهة البرد
وانقطاع النسوة في انتظار ك
على أبواب الطرق .










وها نحن
نلملم السواتر التي اخترقتها
وأنت تعرّج على الغابة البعيدة التي
لا يعود من زوارها أحد
نلملم أرغولك  وفأسك
وبقايا حكاياتك عن الأرض
والعفاريت والنمل
فنطرح كل ذلك في بيت امرأة
طحنت نفسها صبراً وعشقاً
كي تلد









آهٍ يا صاحبي
كنت تسمي الحياة جسداً
وكانت أمنا تسميها جسدك
فكيف تركت الموت يدهن بلعابه الرخو
كل هذا الجسد ؟!










أما كان لك أن تنتظر
حتى نأتي من قرانا البعيدة
فنلقي التحية
على النبي
و نرسم بأناملنا من أجله
علامة الوداع الأخير

أما كان لنا أن نوقف القطار
 فنرشو شبح الموت
بالقروش والجثث النافقة
كي نعبر معك







ها أنت ابن موت
ـ كما اعتدنا دائماً ـ
رحت تغالب الظلمة والخوف
لتلقي بالحصى والملح
على رؤوس الجن والملائكة
فتروي ما نبت من أرواحنا
رقصاً وضحكاً









وها نحن
مازلنا بطلعة الباب
ننتظر أن تلقي تحت أقدامنا
بنكتة جديدة
كأن تقطع تلك الهكتارات
و السنوات الضوئية التي
تفصل بيننا قائلاً :
 ها قد عدتُ ؛
فلمَ البكاءُ إذاً ؟!


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قطرة تنساب فى نهر





















وحدها الأنهار
تعرف ما تريد
و تصبح ما تتمنى،
فهي الأصدقاء الذين لا نستطيع استعادتهم
بغير أن نقطع بضع خطوات
على جسر مندى بالرمل
بعيدًا عن الموتى
والذين يصدرون أنفسهم
 آلهةً تواضعت
فجلست معنا
كان لي أخ يحلم ذات مساء
أن يصبح نهراً ،
فعطَّر نفسه وخلع ملابسه
وانتظر على الشط أياماً
حتى لوحت له الأنهار
كواحد منها .

قال العرافون في قريتنا
 أنه غرق،
وقالوا أن جنية الماء ابتلعته
ووحدها ملابسه ،
تلك التي تركت خزانتها
وجلست تلوح أعواماً للماء ،
لم تصدق .

كان المعلمون في المدرسة
يقولون أن الماء
نتاج تزاوج بين الهيدروجين والأكسجين
ويرمزون له بــ (H2O)
لكنها لم تصدق،
فلا يمكن للحلم الكبير أن يغرق
ولا يمكن للأنهار أن تصبح
مجرد حرفين ورقم .

أمى التي
لم يكن المعلمون فى زمانها ليقولوا
 أن البحر أكبر ؛ لكن النهر يأتي من السماء ..
كانت تعطر نفسها كل مساء
وترحل
حيثما الماء رحل.
أمي التي لا تعرف الفرق
بين البحر والنهر
ولا تفك الخط
كانت تقرأ الرسائل
وتقول أننا حمقى
لأننا ننتظر  
ولا نفكر في الذهاب
رغم أن المسافة
لا تزيد عن بضع خطوات
على جسر مندى بالرمل
بضع خطوات من رفات الأهل
لا تختصر
لكن الوجود بها يتسع
والفضاء يصبح
قطرة تنساب في نهر .













رسالة إلى من لا رسائل لهم






















هل محض جنون أن يراسل المرء أناساً لا يعرفهم ؟ أنا أفعل ذلك الآن, لا لشيء إلا لأنني أشبههم, فمنذ زمن بعيد وأنا أتتبع خطواتهم المحفورة  في الطريق، و أحصي آلاف الأميال التي يقطعونها كل مساء؛ ليعودوا إلى البيوت التي أنهكها الغياب . لكنَّ أشباحهم وحدها هى التى تعود, لا لتلقى السلام ولكن لتسأل عن رسالة تُشعرهم أنهم على قيد الحياة.






هكذا نحن حين ننتظر رسالة, لا نبرح الأماكن ولا نغلق الأبواب, هكذا ظل والداى عشرين عامًا ينتظران ضيفًا ليس معلومًا وقت مجيئه ولا هيئة الوصول. سنوات طويلة يشعلان السراج والموقد والبخور، ويتركان جزءًا من طعاميهما ؛ ومقعدًا شاغرًا من أجله، ويهرعان إلى الباب كلما رن خطو عابر غريب، وحين أصابهما الصمم، جلسا على ناصية الطريق قائلين "لقد أضعنا كل الضيوف بجلوسنا فى البيت".






 ليس مهمًا أن يأتى الضيوف, ولا أن تُستلم الرسائل, فثمة ضيوف لا نعرفهم, وثمة رسائل لا ترى، فلم لا نذهب إلى من نحبهم ؛ فنجالسهم ونحادثهم ، ولا ننتظر رسولاً يحمل بضعة أوراق منهم. فما الذى يمكن أن تقوله الأوراق أكثر من أرواحهم, تلك التي تدب بيننا، فى تذكاراتهم، في مواقفهم التي تدفقت كأنهار جارية بيننا زمنًا طويلاً.. كم تخاصمنا فيه، كم تعانقنا، وكم كنا ودودين معًا!.









أنا الآن أعد رسالةً إلى أناس لا أعرفهم، فليس هناك ما يجمع بيننا سوى أنني كلما جلست فى الأماكن التي جلسوا فيها أرى أعمارهم التي تركوها ، أرى ترابهم ، وأشجارهم، وقطع الأثاث التى نحلتها مقاعدهم، أراهم يقولون : اكتب لنا.









لى أناس لديكم كنت أتوقع أن يركبوا الريح من أجلى ويجيئوا، كنت أتشمم روائحهم حين يعبرون من على رأسي فتصطك أقدامهم ببلاط الغرفة، وحين يتداولون حول أى الهدايا يتركونها لأطفالي الصغار وأمهم المريضة بالنسيان..  لكننى لم أرهم؛ لأنهم لا ينتظرون المدفأة ولا شطائر الخبز، لا ينتظرون سوى رسالةٍ لا نعرف كيف نكتبها.









قولوا لهم إنني ضجرت، وما عدت أحتمل الحياة وحدى، فهل يمكن أن يغافلوا الحراس ويوقفوا القطار قليلاً؛ كى أضع ساقى وأركض معهم ، قولوا أيضًا: لى ابنة لديهم تجيد الرقص، وحفيد يجيد السؤال، ودبٌ يعشق الغناء أكثر منى.. فهل يمكن أن يحملوا رسالة من أجلى ؟!                     













                   والدي الطيب























والدي الطيب، أرسل لك الآن من المدينة البدينة، هذه التي لا تمضغ سوى الشر، و لا أطلب أن تسامحني ،أو تحنو علىَّ، فما عدتُ سوى الشبح الذي حذرتني منه، تطلبنى الشوارع  فأهرع إليها، وتطردني البيوت فلا أمكث فيها، ولا أطلب العفو ، فهذا الذي لا تطلبه سوى النساء، ما عاد يصلح لى .








أصدقائى يعرفون ذلك عنى، ويرثون لي، فأتركهم وأبحث عنك، حيث عينك التي ترنو كعيني ذئب عجوز، تعرف ما يحدث، وكثيرًا ما قالت : عُدْ . وكثيرًا ما كنتُ أحلم بذلك، لكن جثث من رحلوا كانت تنام فى الطريق، فكيف لي أن أمر عليها وأعرِّجُ على بيوتهم؟!









هل يمكن هكذا أن ننسى من رافقونا طيلة السبل؟! هل يمكن أن نعبر على أجسادهم كما لو كانوا محض جيف لا نعرفها؟! أتذكر الآن كيف كانوا يلقون بأسناننا المخلوعة للشمس، يحملوننا على ظهورهم ويعبرون من النهر إلى النهر، كيف كنا نستحم على أيديهم، نعارك الأطفال على حسهم، ونمشى في الظلمة دون خوف ، لأنهم كانوا بداخلنا .








هنا حيث المدينة البدينة لا شيء يذكِّرُك بمن رحلوا، لا شيء يحنو عليك ، وكل ما يجتاحك بردٌ: نميمةُ الأصدقاء في ظهرك ، ضحكاتُهم المتوالية على لا شيء ، وجوهُهم الممطوطة دائماً ، أعينُهم الفارغة من الحياة ، وانتصاراتُهم الزائفة من أجل امرأة لا تزيد عن عشرة قروش . هنا لا أمان ولا صدق أبعد من حدود الجسد .






هو الهروب يا أبي ولا فضل ؛ هو الهروب ، ففي أرض الله الواسعة نقطع المسافات ونحتسى التراب ولا نصنع من عظامنا خبزاً لأحد .
في أرض الله الواسعة كنا الحفارين والبنائين وعاملي التراحيل والسكك، كنا قاطعي الأحجار وخفر السواحل وجامعي القمامة ولا فضل ، فلماذا إذا متنا كنا النبيين والقديسين وحاملي الرايات في 
كل درب؟!





أصدقاؤنا في البعيد يعرفون الحياة أفضل منا، يدخنونها كل صباح كالبايب ، ويقرءون الجرائد التى لا نقرؤها ، يأكلون ويلعبون وينامون ولا يبكون على أحد. أصدقاؤنا يعشقون الحياة كامرأة تمنح أعضاءها لمن يدفع، ونحن مازلنا نرى قتيلنا فى الجنة وقتيلهم فى النار، رغم أن الذين ذهبوا لم يعد واحد منهم ليخبرنا عما هناك.
المدينة البدينة يا أبي أوسع، لأن قلبها صخرٌ، لا تمنح العفو ولا تعرفُ الحنين، المدينة أفضل لأننا لا ننتظر منها شيئاً، فقتيلنا وقتيلها لا معنى لهم.                          
          















لماذا جئتم























لماذا جئتم ؟! ليس لدينا قمح ولا ذهب، ليس لدينا سوى هذا البوار والنفط، سوى هذا العجز الذي نحمله كالبغال على أعناقنا من أجلكم، فلمَ جئتم قاطعين كل هذه الهكتارات، بكل هذه الصواريخ والقنابل، ماحين كل شىء، حتى الذين جئتم من أجلهم.










الآن وبعدما لم يعد شيء يصلح للرتق أو البكاء، ليس أمامنا سوى أن نجلس معاً، فالمقهى يتسع للجميع ،شرطه الوحيد أن نترك سلاحنا بالخارج ونفترش الأرض، نلقى بتاريخنا على المناضد ونحكى .. فماذا لديكم ؟



أصدقاؤنا في البعيد أضلونا، فرأينا فيكم الأنبياء والقديسين، ورأينا الحاسوب والمرناة والسينما. أصدقاؤنا قالوا أن الله ترك لكم منذ عدة سنين إدارة شأنه، وأن رضوان ينتظر إشارة منكم ليفتح الباب للجميع، لكننا لم نرَ وجه الله فى وجوهكم مرة.. فهل اكتفيتم بوجه الجحيم فقط ؟


ها نحن نحمل الجثث معاً ، ونذوب في الأرض سوياً، ولا نتذكر سوى أن بعض الطائرات أغارت ، لا نتذكر سوى وجه إلهكم الغاضب، وإشارة أنامله ببدء الصاعقة ..







آه يا أصدقاء ... ماذا سنقول للمتنبي، هل اشترينا العبد ولم نشترِ العصا معهُ ؟! وماذا سنقول لماعت ، أننا سرقنا! وكذبنا ! ولوثنا ماء النهر !. فمن سيقول لكم : تبت يدا أبي لهب وتب ، ما أغنى عنه ماله وما كسب ، سيصلى ناراً ذات لهب ، وامرأته حمالة الحطب ، في جيدها حبل من مسد .

 





 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صـــمــــت






















لماذا يحتاجون منا أن نفعل ما يسرهم، ويغضبون إذا ما تحدثنا كما نود، ليس هناك عقد بيننا على الصمت أو الكلام. أنا نفسي لم ينصت لي أي منهم وأنا أعوي من الجوع واليأس، تركوني أئن وانتحوا بعيدا ، كانت  عيونهم تضحك من خلف زجاج نظاراتهم وهم ينسلون واحداً وراء الآخر ، أغلبهم كان يقسم أنه سيعود ؛ لأن الأمر يستحق أن نقف جميعاً كرجل واحد .. وكنت أصدق.






وحده النادل العجوز كان يعرفهم أكثر منى، ويشفق علىّ أن أصحو ذات مساء على عكس ما أتخيل، كان يحمل لى كل يوم رغيفي خبز ودعاءً من زوجته بالستر والفرج، سنوات وأنا أصحو وأنام على نفس المقهى، أدور المدينة كل يوم عشر مرات، أطرق الأبواب وأستميح الأقفال أن تفتح، أستميح كلاب الحراسة أن تنام، وأمعائي أن تكف عن النباح، أستميح نفسي أن تقبل العهر لأن رغيفي النادل أوشكا على النفاد.





فلماذا الآن يريدونني أن أحشو فمي بالصمت، هذا الذي ما كان يعرف على مبعدة أمتار مني، وحدها النكات هي التي كانت تملأ الأفواه، وحدها البنات والبيرة والسجائر الفاخرة والعربات التي تقاس بالمتر هي التي كانوا يعرفونها.

آه .. حين ندق الأبواب في عز الظلمة والبرد، بينما عيونها السحرية ترقبنا ولا مجيب، حين ننام كل ليلة على عشب الميادين وندعو الله أن يمر الشرطي على مقربة منا فيأخذنا لدفء "البُرْش".







 أيها الأصدقاء ما عاد بيننا ذلك العهد القديم، فقد سئمت الثرثرة، والمناورة، والوجوه الكالحة، والمخاط الذي لا جديد فيه، سئمت قصائد الشعر، وسمت الحكماء، واللحى الحليقة، والعيون المريضة بالصحف، وأبهة الجلوس بين العظماء، سئمتكم .. ولا عقد بيننا على الصمت.
















ســقـوط



















الذين سقطوا لا يستحقون أن نترك المقهى من أجلهم؛ لأنهم لم يصنعوا شيئاً يستحقون البكاء لأجله. الذين سقطوا يجلسون الآن على أعتاب المقابر فى انتظار موتهم البطىء، ذلك القادم من جوف الظلمة بمقارعه الغليظة ليعصف بالرؤوس.

ليس علينا تجاههم شىء، وكل ما نملكه أن 
ندير مؤشر الراديو ونتبادل النرد والحكايا، لئلا تصيبنا أشباحهم التي تضرب بجناحيها الفراغ.






 الذين سقطوا كانوا أنبياءَ، وملائكةً تمشي على الأرض ، كنا نعد لهم أعضائنا الموائد، ونصنع من عظامنا كئوساً لشرابهم الأحمر، وحين يفرغون نسألهم : إنا قد رضينا ، فهل رضيتم ؟!

لكنهم لم يعيرونا انتباهاً ونحن نجرجر أذيالنا لنجلس على هذا المقهى . لم يعيرونا انتباهاً ونحن ندغدغ أوجاعنا عن لقمة العيش ، ورحيل من رحلوا، وموت من ظل حياً .

 الذين سقطوا جعلونا خِصيّاً ؛ لا نصلح لواجب العزاء أو الدفن ! 













عقــارب






























أكلما وضعنا أيدينا على صديق فر هارباً، أم أنها الوحشة التي ترمينا في مخالب من لا مشاعر لهم ؟! هكذا أنت أيضاً، لا فرق سوى أيام الصبا وبعض الأريج العالق بالعظام .


أذكرك ! وأذكر أشجار المدرسة التي دغدغنا أحلامنا أسفلها، والمدرس الذي قررنا عقابه على خطفه صديقة واحد منا، لكن هل كُتب علينا أن نعد أجساد الراحلين من أمامنا ونحمّلهم السلام إلى الغربة التي قرروا الذهاب إليها ؟ وهل محض خيانة أن تتوقف الأنامل عن التلويح لهم لأنها مشغولة بـ "الموبايل" ولوحة المفاتيح وساندويتش الهامبورجر وعجلة القيادة، وخارطة الطريق في المدن المهندسة كقطعة تورتا؟!

هل محض خيانة أن تحملنا الحياة على الصمت ومراجعة النفس كلما ضعفت أمام من نحب . وحين نلتقي نقول معذرةً فعقارب الساعة تعمل بجد ولا يوقفها غير الموت، تعمل غفلة حتى إذا توقفت انتبهت ومدت يدها من على الحائط ملوحة لمن عبرت عليهم كل هذه السنين دون كلمة أو شارة نصر.


 















      مسلحون















دُمْ ... دُمْ ....
هكذا كانت دمدمات أقدامهم على الطريق لا تلوي على شىء ولا يقلل من وقعها الساحق شىء، وهم قادمون بملابسهم السوداء، وعصيهم الطويلة، ودروعهم التي أقامت جداراً  بين المشرق وأبصارنا.

وهكذا تحدث النبي الذي في صدورنا جميعاً، لكن أحداً لم يقل أن ملائكة الموت ستنزل هذه الساعة، بهذه الثياب السوداء لتشعرنا بوقع الصاعقة.

تحدث النبى وهبطت الغربان من كل حدب، هبطت النعال والجنود وزفة العيد والقنابل المسيلة للدموع وأجراس الكنيسة التي نبجلها؛ فأذنا في الناس بالصلاة واحتساء الصُحُف.

قالوا كونوا قردة وخنازير، كونوا قاطعي طرق أو حاملي قرب لعابري السبيل، كونوا موتى وهراءً، فأمركم لا يشغل أحداً ، لأننا نفصِّل خارطةً في حجم راحة اليد، لا تتسع لبقائنا وبقائكم معاً.

جلسنا على مقاعدنا نتأمل الطرقات من جديد، نتأمل عزف الأنامل لرائحة البرد ووجع المفاصل وآلام الظهر وشيب الوجوه قبل أن تشيب، وقلنا: هم مسلحون ونحن عزَّل، هم مسلحون ونحن نمتلك بيتاً، ومصطبة، وموقد شاي، وعصيًا نضرب بها الأرض كي نوقن أننا أحياء.

قالت امرأة في المدينة: ليس لرجل على رجل فضل، فعضوا النواجذ واضربوا بالأحساء . قلنا: ضربة رجل واحد؟! قالت: أو ابكوا كالنساء ملكاً لم تحافظوا عليه كالرجال.













كرسيٌ لا يريح أحدًا.



















أَعلم أن الدكتاتور كان هنا منذ قليل يتمشى فى تلك الردهة، ويدخن سيجارة من النوع الردىء،أعلم أيضاً أنه جلس على هذا الكرسى الخشبي الذي لا يريح أحداً، لأن النجار الذي صنعه لم يكن يعلم أن ثمة آلهة تهوى التلصص على أناس مثلنا، فقطع أخشابه بطريقة مبتذلة .

يا لهذا النجار ! لم يعش حتى يرى كرسيه وقد أصبح عرشاً، فحين أنجز مهمته ظل يصفق، ليس من روعة العمل بالطبع، ولكن لأن الفكرة التي بحث عنها كثيراً كانت قد تبلورت في كرسي، فظل يرقص حتى مات.
في أيامه الأخيرة قرر أن يتوقف عن مهنته كصانع كراسي وأرائك، لأن السوق كسد والمصانع ابتلعت كل شيء، ولأنه لا بد له من مهنة يكفل بها لأطفاله وزوجته الحياة، و لا يعلم مهنةً سوى تحويل الأخشاب إلى كائنات أخرى، فقد قرر أن يصنع التوابيت للموتى.

حين رأيته كان حزيناً ومرهقاً، لأنه مثلنا لا يحب الموت، ولا يرجوه لأحد، لذا طلبت منه أن يصنع كرسياً أقرأ من عليه الشعر والقصص، فأحضر قادومه ومنشاره وقطع الشجرة التي كنا نستظل بها قائلاً : منها كرسي ومنها تابوت ينفع في السفر .

حين مات لم نكن بالبيت، وما كان لمن كفنوه أن يدركوا أن أفضل ما يدخل به نجار إلى قبره كرسيٌ لا يريح أحدًا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رجل لا يحب


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أنا لا أحب! هذا ما توصلت إليه مؤخراً، لأن المحبين - هؤلاء الذين نبحث عن صورهم بداخلنا - توقفوا منذ زمن عن إنتاج صور تشبههم.


لذا فأنا مجرد رجل يتنفس في الليل كأنه حيوان مكروب، ويخشى في الصباح أن يقول لزوجته لماذا كان يجأر من ظفره "أغيثيني"، لأنه يعلم أنها غير موجودة إلا كفكرة في ذهنه، أو صورة تتحرك على مبعدة من شفتيه لا يستطيع أن ينطق بها.




ربما هي أيضاً تصرخ الآن من أخمص قدميها لرجل آخر "أغثني"، لكنه هو أيضًا مشغول بفتاة أو سيدة أو عجلة موتور ما يتوقف على مبعدة شبرين من أنفه، دون أن يقذف بنفسه في أمعائه، أو يخرج له ثديه ليتبول عليه.

فكرة غريبة أن نحب شخصاً لا يمكنه أن يصل إلينا حين نريده، نتوقف أمامه في المرآة، نبتسم، نلاعب حواجبنا، نتمخط، ندوِّر بشحمة أذننا كي نرى الشعر الأصفر النابت فيها، ونفكر أن ننتزعه، لأننا نحب، وحين تنتهي المؤامرة نصرخ بفزع في وجوهنا التي ما عدنا نعرفها: لقد انتهينا.





فعل مزعج
أليس كذلك ؟
.......
لكن الحقيقة ما قلت
تصوروا مثلاً خروج الفتيات من المدارس يملؤهن الشغب، يقبضن على الكراسات بود، يقبِّلن الهواء النائم على خدودهن، ويمارسن الحياة مع اللهب المنبعث من طيات الملابس الداخلية، ويجأرن : إننا نحب.







بالطبع لن يتسنى لكل عابر سبيل أن يتوقف أمام المرآة أو الحائط المتهدل الجوانب كي يقول عم صباحاً، لا أحد منا سيفعل ذلك، لأننا لا نرغب في أن نرى نفوسنا على حقيقتها الصارخة في التراب والمجارى، لا أحد يفوته أن يكوى شعره ويهمس في أذن امرأة كوت شعرها أيضاً ؛ أن هذا الوقت أروع ما قضى، وأن اللحظة التي عبرت لحظة فارقة لأنها جمعت عصفورين على مائدة واحدة.











ربما يصحو الجميع غداً، أو بعد غد، على صوت ضفدعة أو ديك أو عربة قديمة يبحث صاحبها بشعره المهوش وعينيه اللتين تنبضان بالبرق عن قطع الروبابيكيا، ويتنهد بأسف لا حدود له على لحظة غضب قديمة لم يستطع فيها أن يحب.















لأنني لا أقدر على الحرب







































أتراك ذاهبٌ الآن ؟
لا أظن !
فثمة حراب وفخاخ

تقف هناك

حيث المضيق الذي تسعى إليه

والوحوش التي تعلن عن نفسها

كلما اقتربتَ







خذ سعفة يا صاحبي
من هذا الجريد
خذ رقية وريشة طائر
ضعها حول ياقتك
وبارز كأسد الله
لأنك مقتول
وليس هناك
من يبكي عليك .





أما وقد سئلت
فإنني سأجيب
جميعكم حقراء
ولا وطن لكم
جميعكم تمسكون مقود الدابة
وتحملون النعال
و تعلمون أنني
قتيلكم هذه الليلة
على أحجار الزيت



أما أنا فـبهي
لا لشيء
سوى أنني أطأكم بقدمي
وعما قريب
سأعبر الشارع المواجه لشقتي
حيث أشجارالحديقة
المليئة بالزهر
فأقطف ما أشاء
وأعود إلى مطفأة السجائر التي
لا تدعي أن لها عقلاً
لكنها تعرف عني الكثير .







لست نادماً 
لأنني منذ جئت
عولت على ألا أفرح
وقررت أن أترك نفسي
تنساب على الأرض
فلا شيء
يمكنه أن يمنع رجلاً من الحياة
غير التحفظ والخوف .


لي سنوات
أعبر المدينة
على قدمين
تماماً كما اعتاد الناس أن يفعلوا .
لي سنوات
أمر من هنا
حيث هذا المقهى
وذلك الرجل الثرثار
وتلك المرأة البدينة منذ ولدت .
لي سنوات
أتحدث وأنام
ولا أذكر من أحلامي شيئاً
وأرغب أن أكون كائناً
ليس بغيضاً
بهذا الشكل.
الآن يمكن لكم أن تجلسوا
يمكن أيضاً أن تحاولوا قراءة الشعر
أعرف أنكم لا تحبون المعري ولا بشار ابن برد
أعرف أنكم مسافرون
وليس لديكم سوى نزهة بسيطة هنا
وأن هذا اللون الأحمر
ليس دماً
لكنه الصلصة التي سقطت في الصباح من عاملة المطبخ الغبية، تلك التي أحضرتموها من الجنوب
أعرف كل شيء
ولا يمكن أن أصف نفسي بالهندي القميء
لكنني سأترك لكم فرصة
أن تفردوا أعضاءكم على سريري
 لبضع سنوات أخرى
لأنني ما عدت أقدر على الحرب .



كنت أسيرُ ؟!
نعم كنت أسيرُ
لا شيء في ذلك يغضب الله
أو يحدث ضجة في ركن منزو كهذا المقهى
لأنني
حين كنت أسير
كنت أضع كوفية حمراء على رأسي
وأرتدي جلباباً أبيض
كهذا الذي نرتديه في القرى جميعاً
و الوحيدة التي أحببتها بصدق
كانت تقرأ الجرائد
وتشرب الشاى كل يوم .



انحناءةٌ
محض انحناءةٍ
هذا كل ما ينقصني
لأصبح سعيداً وثرياً وشهيراً
أصبح راضياً
عن هذا العالم الذي يرفضني
لأنني قصير
وأبدو متعالياً
وليس لدي إمكانية
أن أطوي جسدي
كي أمتلك الانحناء الجميل .



رئيسي في العمل
يكره الذين يرون أنفسهم
هؤلاء الأغبياء الذين يؤمنون أنهم يمتلكون شيئاً ما
ويحبذ المنحنين دائماً
يحبذ وضع الركوع والسجود
ويكره الانتصاب
لأن  هيئته تذكره بشيء ما
افتقده منذ زمن .

زوجتي أيضاً
تكره أن أدخل عليها
ويدي بيضاء من غير سوء،







أما الأصدقائي
فلم يعتادوا من كثرة انحنائهم
أن يجلسوا مع شخص تختلف مشيته عن جلوسه ، فأبدو غريباً غير مؤهلٍ للحديث أو الضحك،غير مؤهل للصمت أو الكلام ،فلمَ لمْ يمنحني الله هيئة قرد لأصبح محبوباً ، ومقبولاً ، وأجمل رجل في الوجود .








اِضحك أيها الفأر
فمازلت حراً
ليس لديك رئيس
ينفض غبار منفضته في وجهك
ليس لديك هموم تعتصر ذهنك
ولا أتوبيسات أو مترو
تخرج منها
كيوم ولدتك أمك .







اِضحك
لأن قامتك الصغيرة
تؤهلك
للدخول والخروج من أي شيء
قامتك المنحنية طبيعياً
جعلتك سيداً
وجعلتنا
نعمل لديك .


لي الآن ما يزيد عن ثلاثين عاماً، وزوجة وبنت، لي أوهام كثيرة اكتشفت بعضها، لكنني مازلت أتدرب على الحب . ليست لي سوابق في أي مما يسعى أصدقائي إليه، مرة أعطاني أحدهم سيجارة مطعمة بالحشيش، لم أكن أعرف مدى جودته، لكنني على أية حال دخنت . شعرت وقتها أنني غريب، ولا أحد بجانبي . شعرت أن ثمة عيون تغمز من خلفي، وأن ثمة إهانة ما تنتظرني بمجرد أن أغفل عيني. كابرت بقدر ما يستطيع ذهني من تركيز، كابرت حتى وجدتهم يخرون من جانبي . فثرثروا بقدر ما
منحهم الله من قدرة حتى انتهى العالم من أمامهم ، فرحت أثرثر .. وهم صامتون .











حين خرجت إلى الشارع، أحسست أنني تقيأت كل ما أعرف، وأنني صرت محض روح أو فراشة يمكنها أن تتهادى كما تود، شعرت أن العالم محض لعبة بسيطة، وأنني قادر على مداعبتها كما أشاء ، لكنني فشلت أن أعود يوماً ما إلى تلك اللحظة من الكشف .   

لا أحد يعرف الشعر أكثر منا، ولا أحد يصدق أننا نقول شعراً أفضل مما يقوله العظماء، ليس لأننا نملك ما يملكونه من اللغة ولكن لأننا الذين نملك المعاناة، فهنا فى تلك الضواحى النائمة على حدود المدينة، يمكننا أن نقبض على الشعر فى أنبوبة الصرف، فى الجدران التى تهالكت من الرشح، في العربات الحربية القديمة التي تحولت إلى خط ملاحي لنقلنا وسط الغائط ، فى رصاصها الذى نعود به إلى بيوتنا كل يوم وكأننا عمال محاجر. هنا لا أحد يعرف الشعر سوانا، لأننا نطرب لصوت شعبان عبد الرحيم، ونسعد بتجوالنا بين أبناء المجاعات، ونحدِّثُ الراحلين الذين اضطررنا للإقامة معهم، هنا الشعر قطعة من الليل الذي إن نجوتَ من ملوكه فلست بشاعرٍ بل نبي .
                                                                                                         






أرجوكم لا تتركوا لي الوهم . خذوه معكم واخرجوا. لأنني كل مرة تجيئون فيها ، أشعر أنني حي ، وباستطاعتي معاندة الموت و معانقة السحاب . وكل مرة أنزل على لا شيء، فأسمع ضحكاتكم جاءت ترن على الأرصفة .









أرغب الليلة في أن أخرج . لن أثير الزوابع ولن أنفخ في الصور كما تتوهمون ، لكنني سأرحل بجسدي إلى الطرقات التي يتوه فيها كل شيء، سأرحل حيث المستنقعات، والبرك، حيث ضجيج الحياة، غير مخلفٍ عناوين يطاردني فيها الذين يرون أنفسهم آلهة وأنا عبدهم الكل على مولاه ، فما أجمل أن يسوح الإنسان بين الخرابات و البيوت ، ما أجمل أن يكون ملاكاً يرفع ثيابه عن الوسخ.

كنا صغاراً يا أبي ؛ نسعى حافين تجاه العَلَمِ والطابور والمدرس، ونردد بلا وعى:تحيا البلاد البعيدة  ...  تحيا البلاد التي تعني الوطن .
 و في العسكرية كنا نضرب بأقدمنا الأرض فنزلزلها ، ونعدُّ البلاد في قلوبنا ـ قرانا التي لا نعرف مواقعها علىالخريطة، هكتارات الرمل التى تحاصرنا من كل صوب، شكل الحديقة التي نحلم بامتلاكها، وجه الجنرال الذي سخرنا للعمل في بيته، مومس المدينة التي صارت سفيرة، وصار وجهها الممصوص باللوكيميا رمز عفافنا الوطني ،..... ـ  كنا نحصي كل شيء ونهتف :
     يحيا الوطن الذي لا نعرف مداه
     يحيا الوطن الذي لسنا كلنا فداه ..









من اليوم يا أبي سنغني النشيد الجديد ، ونركل أعضاءنا لأنها لا تعرف الغناء، نركل أنفسنا أسفل القطارات لأن أهلينا لم يعلمونا الغناء .

صــدر للمؤلف :


يرفرف بجانبها وحده

شعر 1998 على نفقة الشاعر

قصائد الغرفة المغلقة

شعر 2001 – إبداعات – قصور الثقافة

هانيبال

شعر 2003 – كتابات جديدة – هيئة الكتاب

صمت الكهنة

رواية 2003 – أصوات – قصور الثقافة

حمامة بيضاء

رواية 2005 – دار ميريت للنشر

           
                       

الفهــــــرس

الاهداء ...................................................
5















































































About the Author

Posted by غير معرف on 6:29 م. Filed under . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0. Feel free to leave a response

By غير معرف on 6:29 م. Filed under . Follow any responses to the RSS 2.0. Leave a response

0 التعليقات for "صبحى موسى | "

Leave a reply

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المنجز اليومى

المشاركات الشائعة